للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبق للشيء الآخر محل، إذا امتلأ القلب بحب الدنيا اشتغل عن حب الله ورسوله وصار الإنسان ليس له هم إلا الكسب، ولكننا نحمد الله على كل حال، ونحمد الله أنه يوجد كثير من الناس لا يقدمون على مثل هذه المضاربات إلا بعد السؤال، وهذا شيء لا شك أنه من نعمة الله، إن ما فتح هذه الأبواب للناس فتح باب الميسر بالمسابقات المحرمة لا شك أنه ضرر.

هذا الحديث كثير من العلماء ضعفه كما يفيده كلام الشارح رحمه الله ولا شك أن معناه إذا كان الجهاد فرضاً معناه صحيح، فإن الناس إذا تركوا ما أوجب الله عليهم من الجهاد وتشاغلوا بالدنيا عنه فإن هذا من أسباب الذل والهزيمة، وإذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- في غزوة أحد لما أرادوا الدنيا، ونزلوا من الجبهة التي رتبهم النبي صلى الله عليه وسلم فيها حصل من الهزيمة ما حصل فكيف بغيرهم، فمعنى الحديث صحيح لكن أسانيده ضعيفة.

سبق لنا في الشرح أن قلنا: إن الجهاد يشمل كل ما يدافع به عن دين الله من الجهاد بالسلاح والجهاد بالعلم وأن الناس إذا كانت الأمة الإسلامية تحتاج للعلم الشرعي الصحيح كان التشاغل به كالتشاغل بالجهاد المسلح، بل قد يكون أفضل منه؛ لأن الحاجة إليه عامة للمسلمين وغير المسلمين، حتى المسلمون يحتاجون إلى إقامة دينهم المبينة على الكتاب والسنة، فهم في حاجة بأن يقوموا على شريعة الله التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم في حاجة أيضاً إلى أن يعرفوا حدود الله بالنسبة لمعاملة الكفار في السلم والحرب.

[الشفاعة المحرمة]

٨٠٦ - وعن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شفع لأخيه شفاعةً، فأهدى له هديةً فقبلها؛ فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا». رواه أحمد، وأبو داود، وفي إسناده مقال.

الشفع مأخوذة من لفظها وهي جعل الواحد اثنين، قال الله تعالى: {والشفع والوتر} [الفجر: ٣]. فالشفع ضد الوتر، وهي: أن يتوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، مثال الأول: لو شفعت لشخص بأن يوضع في مرتبة عالية فهذا جلب منفعة، ومثال الثاني: أن تشفع لشخص يريد أحد أن يظلمه فتدفع عنه المظلمة، هذه دفع ضرر، إذن فالشفاعة هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة، وهي -أي: الشفاعة- على حسب المشفوع فيه: إن كانت في خير فهي خير، وإن كانت في شر فهي شر، فمن شفع لأخيه ليتوصل إلى باطل فهي شر ولهذا حرمت الرشوة، ومن شفع لأخيه للتوصل إلى حق فهي خير، قال الله تعالى: {من يشفع شفاعة حسنةً يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعةً سيئة يكن له كفل منها} [النساء: ٨٤ - ٨٥]. فالشفاعة قد تكون حسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>