أهل التكليف، وسقوط الحج عنه ليس لمعنى في نفسه، ولكن لمعنى خارج وهو عدم القدرة عليه، فإذا تكلف وأذن له سيده وحج فنعم، لكن لو حج بغير إذن سيده فهل يجزئه؟ لا؛ لأن زمنه مغصوب، فإن زمنه كان مملوكًا لسيده، فإذا غصب نفسه فإنه لا يجزئه.
فإن قلت: ألم يقل: الفقهاء أن العبد الآبق من سيده تصح منه صلاة الفريضة ولا تصح منه صلاة الناقلة؟
فالجواب: أن بينهما فرقًا؛ لأن الحج في هذه الحال - قبل أن يعتق - نفل وليس بفريضة، بخلاف الصلاة الفريضة فإنها فريضة عليه حتى في حال رقِّه؛ فحصل الفرق.
[حكم سفر المرأة بغير محرم للحج والخلوة]
٦٨٤ - وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: "لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرمٍ، ولا تسافر المرآة إلا مع ذي محرمٍ، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، إنَّ امرأتي خرجت حاجَّةً، وإنِّي اكتتبت في عروة كذا وكذا، قال: انطلق، فحجَّ مع امرأتك"(). متَّفقٌ عليه، واللَّفظ لمسلمٍ.
كلمة "يخطب" يحتمل أن تكون هذه الخطبة على المنبر، ويحتمل أن تكون من سائر خطبه العوارض؛ لأن خطب النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين: قسم عارض يخطبه النبي صلى الله عليه وسلم عند وجود حادثة تقتضيه، وقسم راتب كخطب الجمعة وخطب العيدين، وهذا محتمل، ولكنه لا يهمنا أن يكون هذا أو هذا؛ لأن المقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن هذا الحكم على المنبر، وهذا يدل على أهمية هذا الحكم ووجوب العناية به.
وجملة:"يقول" حال من فاعل "يخطب"، وجملة "يخطب" حال من "رسول الله"؛ لأن كلمة "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بقول"، "سمع"، لا تنصب مفعولين؛ لأنها ليست من أفعال الظن ولا من أفعال اليقين.
وقوله:"يخلون"، هذا فعل مؤكد بنون التوكيد، فتكون الجملة التي هي نهي مؤكَّدة بالنون، "لا يخلون رجل"، "الرجل" هو: البالغ بخلاف الذكر، فإنه يطلق على البالغ والصغير، "بامرأة"، أي: لأنها - أي: بالغة؛ لأنها - أي: كلمة امرأة - تطلق على الأنثى إذا بلغت "إلا ومعها ذو محرم"، جملة "معها ذو محرم" مبتدأ وخبر وهي في محل نصب على الحال بدليل تقدم ذو محرم، "المحرم": زوجها وكل من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، وإن شئت فقال: بنسب أو رضاع أو مصاهرة هذا المحرم، والمحرمات من النسب سبع، ومن الرضاع مثلهن، ومن الصهر أربع،