ركنًا، وبعد أن كان طواف قدوم الحج صار الآن ركن عمرة، وينقلب سعي الحج سعي عمرة بل يصح أن يقع الإحرام بالحج مجهولًا فنقول: لبيك اللهم بما أحرم به فلان، وأنت لا تدري بما أحرم ثم قابلته فقلت له: بماذا أحرمت؟ قال: بالعمرة، فيكون إحرامك بالعمرة، لو قال: بالحج والعمرة قرانًا فيكون بالحج والعمرة قرانًا؛ ولهذا لما قدم عليّ من اليمن قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"بما أهللت؟ "()، قال: بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن معي الهدي فلا تحلّ، وصح. إحرامه؛ لأنه مجهول، وجاء أبو موسى قال:"بما أهللت؟ "() قال: بما أهلّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يجعله عمرة، وألغى أن يكون قارنًا؛ لأن أبا موسى ليس معه هدي، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذين ليس معهم هدي أن يجعلوها عمرة، فتجد الآن أن الحج يختلف عن غيره فهذا الصبي الذي بلغ في عرفة ينقلب إحرامه من النفل إلى الفرض، ولكن هل السابق يكون فرضًا أو هو نفل؟ فيه خلاف بين العلماء، وهذا الخلاف ينبني عليه الثواب هل يثاب على السابق ثواب الفريضة أو يثاب ثواب النافلة؟ أن قلنا: إنه ينقلب فرضًا أثيب ثواب الفريضة، وإذا قلنا: يبقى على ما هو عليه ويكون ابتداء الفرض من البلوغ أثيب على الأول ثواب نافلة.
ويستفاد منه: أن العبد إذا حج وهو رقيق فحجه صحيح.
ويستفاد منه: أنه إذا حج في حال رقِّه ثم عتق وجب عليه أن يحج حجة أخرى، لماذا؟ لأن الأولى وقعت نفلًا حيث لا يلزمه الحج لأنه لا مال له فلا يستطيع إليه سبيلًا فلذلك قلنا: يجب عليه أن يعيد الحج مع أن العبد هذا كان بالغًا عاقلًا فاهمًا واعيًا ليس كالصغير الذي لم يبلغ، وهذه المسألة الثانية اختلف فيها العلماء؛ منهم من يرى - بل والأولى أيضًا اختلفوا فيها، لكن الخلاف في الثانية أظهر وأبين أن العبد إذا حج في حال رقِّه بنية الفريضة فإنه لا يلزمه أن يحج حجة أخرى؛ وذلك لأن سقوط الحج عنه ليس لخلل في ذاته، يعني: ليس لأن الرجل من أهل الوجوب، ولكن لأنه لا يستطيع، لأنه مملوك فليس عنده مال وليس مالكًا لنفعه، لا يستطيع أن يحج إلا بإذن سيده، فلهذا نقول: إنه ليس عدم وجوب الحج عليه لخلل في نفسه وأنه ليس من أهل الوجوب، ولكن لأنه غير مستطيع، وهذا لا يمنع من إجزاء الحج عن الفريضة بدليل أن الفقير لا يلزمه الحج، ولكن لو تكلف الحج وحج على قدميه أجزأه حتى عن الفريضة؛ لأن ذلك ليس لمعنى يعود إلى الشخص، ولكنه يعود إلى شيء خارج وهو عدم القدرة المالية، فلهذا كان القول الراجح في هذه المسألة: أن العبد إذا حج قبل عتقه ونوى به الفرض فهو فرض ويجزى عن الفريضة، ولا يلزمه أن يحج حجة أخرى؛ لأن هذا العبد من