إن المراد بهذه الآية مطلق الإيمان لا نتفى الإيمان عن كثير من الناس اليوم من الذين إذا ذكر الله توجل قلوبهم؟ قليل، قليل، قليل؛ وإذا تليت عليهم آياته زادهم إيمانًا هذه أيضًا قليل لكن المراد هنا المؤمنون الكمل الذين كمل إيمانهم، أما قوله تعالى:{فتحرير رقبة مؤمنة}، فالمراد: مطلق الإيمان؛ ولهذا يصح أن يعتق الإنسان عبدًا فاسقًا ليس بكافر؛ إذن نفي الإيمان هنا الإيمان المطلق يعني الكامل.
[أعظم الذنوب عند الله]
١٤٠٠ - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي الذنب أعظم؟ قال:"أن تجعل لله ندًا وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك». متفق عليه.
ابن مسعود رضي الله عنه من طلبة العلم حقيقة يماثله أو يزيد عليه، أو هريرة رضي الله عنه من أكثر الصحابة سؤالاً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا لما سأله، أي: سأل أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أسعد الناس بشفاعتك؟
قال:«لقد ظننت ألا يسألني أحد غيرك - أو كلمة نحوها - لما أرى من حبك للعلم».
ابن مسعود سأل مرة: "أي الذنب أعظم"، ومرة سأله: "أي العمل أحب إلى الله"، والصحابة يسألون عن ذلك لا لأجل أن يعرفوا أن هذا أحب إلى الله وهذا أعظم، لا، ولكن من أجل أن يجتنبوه إن كان ذنبًا، وأن يفعلوه إن كان طاعة، قال: "أن تجعل لله ندًا وهو خلقك"، هذا أعظم الذنوب وأشد الجنايات الذي خلقك أوجدك وأمدك وأعدك ورزقك في بطن أمك وهيأ لك الأبوين، ويسر لك الأمور، وأخرجك من بطن أمك لا تعلم شيئًا، وجعل لك السمع والأبصار والأفئدة ومع ذلك تجعل له ندًا؛ أي: نظيرًا ومشابهًا، هذا أعظم الذنب، الذين يعبدون اللات والعزى ومناة من هذا النوع؛ لأنهم جعلوا الله ندًا، الذين يقولون: إن أولياءهم يديرون الكون من هذا النوع، الأولون أشركوا بالألوهية وهؤلاء أشركوا بالربوبية، الذين يقولون: إن وجه الله ويدي الله كوجوهنا وأيدينا من هذا النوع، "أن تجعل لله ندًا"؛ أي: نظيرًا ومشابهًا، "وهو خلقك" يعني: ولم يخلقك غيره، فإذا لم يشركه أحد في خلقك فلا تجعل له شريكًا.
الثاني قال: "ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك" الصغير أو الكبير الذكر أو الأنثى كلاهما، وهل الولد يشمل الأنثى؟ نعم، الدليل قوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين}[النساء: ١١]. وقوله: "حشية" أي: مخافة أن يأكل معك؛ إذن قتله لا كراهة له، لكن خاف أن يضيق رزقه عليه به.