الخير عن أخيك فلست بمؤمن، فلابد أن تحب الخير لأخيك كما تحبه لنفسك، إن أحببت له الشر أو لم تحب الخير له فأنت لست بمؤمن، هذا الحديث يدل على الحث والترغيب في محبة الخير لإخوانك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أخبرنا أن الإيمان ينتفي لا لنعلم أنه ينتفي، لكن من أجل أن نحافظ على إيماننا، ونحب لإخواننا ما نحبه لأنفسنا.
في هذا الحديث فوائد: أولاً: جواز القسم بهذه الصيغة وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم به.
ومن فوائده: جواز الإقسام بغير استقسام، يعني: بجواز أن يقسم الإنسان بغير ما يطلب منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلب منه ذلك، إذا قال قائل: أليس هذا مخالف لقوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم}[المائدة: ٨٩]. يعني: لا تحلفوا إلا بسبب؟ فيقال: نعم نحفظ أيماننا، وهذا لا يعارض الآية؛ لأن هذا مهم جدًا أقسم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك م أجل قوة الحث على أن يحب لجاره ما يحب لنفسه فلأهمية الموضوع أقسم النبي صلى الله عليه وسلم عليه، أليس الله تعالى أمر نبيه أن يقسم؟ بلى في ثلاث آيات:
الأولى: الحلف على أن الناس يبعثون: {قل بلى وربي لنبعثن}[التغابن: ٧].
الثانية: الحلف على أن القرآن حق: {ويتنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق}[يونس: ٣٥].
الثالثة:{وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب}[سبأ: ٣]. والنبي صلى الله عليه وسلم أقسم في أكثر من ستين موضعًا لكنه لا يقسم إلا والمقام يقتضي القسم صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: انتفاء الإيمان عمن لا حب لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه.
وهل هذا يعني الكفر؟ لا، لكنه ينتفي عنه كمال الإيمان، لأن أهل السنة أجمعوا على أن مالا يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ليس بكافر لكن انتفى عنه كمال الإيمان.
ومن فوائده: أنه يجوز نفي الشيء لنفي كماله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة طعام»، هذا نفي للكمال، الصلاة لا تكون كاملة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان لكن لا ينفي شيء إلا لانتفاء واجب فيه، ومن ثم نأخذ أنه يجب علينا أن نحب لإخواننا ما نحبه لأنفسنا.
ومن فوائد الحديث: أنه يصح أن ينفى الإيمان المطلق عمن عنده مطلق إيمان؛ لأن هذا الحديث نفى الإيمان المطلق الذي هو الكمال واستمع إلى قوله تعالى:{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلوة ومما رزقناهم ينفقون}[الأنفال: ٢، ٣]. إنما المؤمنون يعني: ما المؤمنون إلا هؤلاء لو قلنا: