الناس اعتاده، قال: لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:"إن التثاؤب من الشيطان"، وقد قال الله تعالى:{وإمَّا ينزغنَّك من الشَّيطان نزٌغ فاستعذ بالله}. فهو دليل على أنه يشرع، ولكن نقول: إن نزغ الشيطان الذي أشار الله إليه هو: الأمر بالمعاصي أو التثبيط عن الطاعات؛ بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فسَّرها بذلك وهو أعلم الناس بمراد ربه -عليه الصلاة والسلام-، فلو كان هذا مرادًا لكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يشرع لأمته الاستعاذة إذا حصل التثاؤب، المهم: أنه يجب علينا أن نعرف الفرق بين إثبات مشروعية الشئ وبين فعله أحيانًا إذا كان مشروعًا بشرط أن يكون له أصل في الشرع، وأمَّا إذا لم يكن له أصل، فإنه ليس مشروعًا مطلقًا.
قد يقول قائل: إن هذه القاعدة توجب لكم أن تبيحوا الاحتفال بمولد الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحيانًا.
فنقول: إن الاحتفال أصلًا لم يرد بخلاف الجماعة في الصلاة، وما ذكرنا لكم من أمثلة، أما الاحتفال بمولده فليس مشروعًا إطلاقًا، فلم يرد له أصل حتى نقول: إنه مشروع، فالقاعدة التي ذكرناها قاعدة مهمة أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله وهي معروفة من التتبع.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه أخذ بذؤابته من ورائه، والذؤابة ما هي؟ ذؤابة الرأس، ففيه دليل على جواز جعل رأس الرجل ذوائب وهو كذلك، وقد كان الناس يفعلون ذلك، لاسيما في البادية، أنا أذكر أني رأيتهم في البادية الرجل له ذؤابة تصل إلى السرة أحيانًا.
[صلاة المرأة والصغير خلف الإمام]
٣٩٦ - وعن أنس رضي الله عنه قال:"صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أنا ويتيم خلفه، وأمُّ سليم خلفنا". متَّفق عليه، واللَّفظ للبخاري.
"صلى" في أي مكان؟ في بيت أم سليم، وكانت دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان من أحسن الناس خلقًأ، هذه المرأة لمحبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما صنعت هذا الطعام أحبت أن يأكل منه، فدعت النبي -عليه الصلاة والسلام- فلبَّى دعوتها ولما جاء قال أنس: قمت إلى حصير لنا من النخل قد اسودَّ فنضحه بماء من أجل أن يلينه؛ لأن الحصير إذا اسودَّ من طول اللبس يكون فيه أعواد صغيرة ربما تنشف بالجلد، ولكنه نضحه ليلين، فقام النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي بهم يقول:"فقمت أنا ويتيم خلفه"؛ لأنهم ثلاثة،