والسنة إذا كانت الجماعة ثلاثة أن يتقدم الإمام، هذا هو الذي ثبتت به السنة أخيرًا، وكان بالأول كانت السُّنة إذا كانوا ثلاثة أن يكون الإمام بينهم واحد على اليمين وواحد على اليسار، لكنها نسخت، وكان ابن مسعود لم يعلم بنسخها؛ فصلَّى مرة بالأسود وعلقمة فجعل أحدهما عن يمينه والثاني عن يساره. لكن السُّنة لا شك أنها ثبتت بأن الأمر منسوخ، يقول:"فقمت أنا ويتيم"، اليتيم عند أهل العلم هو: الذي مات أبوه ولم يبلغ، ولو كانت أمّه باقية. العامة عندنا يون أن اليتيم من ماتت أنه، لكن الصواب: أن اليتيم هو الذي مات أبوه، وقوله: : وأم سليم خلفنا" هذه يعربها ابن آجروم، بأنها: ظرف مكان منصوبة على الظرفية بالفتحة الظاهرة، أين خبر المبتدأ متعلق بالظرف، الخبر إذن شبه جملة.
هذا الحديث فيه فوائد: ونأخذ من الفوائد حتى من اللفظ الذي لم يذكره المؤلف، وهي: قوة محبة الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم ذكورًا وإناثًا.
ومنها: جواز دعوة المرأة للرجل إذا أمنت الفتنة، مثل: لو أن امرأة كبيرة في السن دعت جيرانها فلا حرج إذا أمنت الفتنة.
ومنها أيضًا: سهولة خلق النبي -علية الصلاة والسلام- وإجابته لدعوة المراة.
ومنها: جواز الصلاة على الحصير، ففيه رد على من قالوا: إنه لا يجوز السجود إلا على الأرض، أو ما كان على الأرض؛ لأن الرسول سجد على حصير، وثبت عنه أنه كان يسجد على الخمرة.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز صلاة النافلة جماعة أحيانًأ؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلَّى بهم جماعة.
ومنها: أن موقف الاثنين فأكثر يكون خلف الإمام.
ومنها: جواز مصافة الصبي، وهذه أيضًأ من المسائل الكبار التي اختلف فيها العلماء، فمن العلماء من يقول: إن مصافة الصبي لا تصح إلا في النفل، ولا تصح في الفرض، ومنهم من قال: إنها تصح في النفل وفي الفرض، وهو الصواب؛ لأنه قد ثبت أن الصبي يكون إمامًا لا مصافّا، وصحة إمامته أبلغ من صحة مصافته، فقد مرّ علينا أن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه وله ست أو سبع سنين، إذن فالقول الثاني في المسألة: أنه يصح أن يكون الصبي مصافًا للبالغ في النافلة بهذا الحديث، وفي الفريضة بأنه لا فرق، الدليل قياس الفرض على النفل لعدم وجود الفارق بينهما.