للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد هذا الحديث: أن المرأة تكون خلف الرجال ولا تصفُّ معهم، حتى ولو كانوا من محارمها.

ومنها: نظر الشارع إلى ابتعاد المرأة عن الاختلاط بالرجال، حيث إنه أذن لها أن تصلي وحدها، ولا تكون مع الرجل، فيكون في هذا ردُّ لأولئك الذين ينادون باجتماع الرجل والمرأة، واختلاط النساء بالرجال، وأن هؤلاء مضادون لحكم الله عز وجل إذا كان في العبادات التي هي من أجل ما يختلط فيه الرجال والنساء، وأبعد ما يكون عن الفتنة، فكيف بالأماكن التي تكون مدعاة للفتنة، ثم إنكم أيضًا تعرفون ما يكون من فتنة المرأة إذا جاءت للعمل واختلطت بالرجل، كيف تأتي؟ لا شك أنها تأتي متبرجة، متطيبة كل ما تملك من الجمال تأتي به.

٣٩٧ - وعن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّه انتهى إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصَّفِّ، ثمَّ مشى إلى الصَّفِّ، وذكر ذلك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصًا ولا تعد". رواه البخاريُّ.

وزاد أبو داود فيه: "فركع دون الصَّفِّ، ثمَّ مشى إلى الصَّفِّ".

"أبي بكرة" هذا لقب، ويقولون: إنه سمي بذلك؛ لأنه نزل في حصار الطائف من السور ببكرة، يقول: "أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو"، الضمير يعود على الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والجملة: "وهو راكع" حالية في محل نصب من النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: والحال أنه راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، من الذي ركع؟ أبو بكرة قبل أن يصل إلى الصف، وطبعًا مشى إلى الصف، ودخل فيه، وفي بعض ألفاظ الحديث: "أنه جاء مسرعًا يسعى قد حفزه النفس".

فهاهنا أربعة أشياء: الإسراع، والركوع قبل الوصول إلى الصف، والمشي حتى يدخل في الصف وموافقة الإمام في الركوع، أربعة أشياء، ننظر الآن ما هو المشروع منها، وما هو غير المشروع لأجل أن نطبق عليه قوله: "ولا تعد" يقول رضي الله عنه: "فركع قبل أن يصل إلى الصف" يعني: ثم دخل في الصف لا شك في هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "زادك الله حرصًا" متى قال له؟ بعد الصلاة، إذن الحديث فيه شيء محذوف، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته سأل: "من الذي جاء؟ "، فقيل له: أبو بكرة، أو هو قال: أنا يارسول الله، فقال له: "زادك الله حرصًا"، وقوله: "زادك الله حرصًا"، حرصًا هذه مفعول ثان لزادك؛ لأن زاد تنصيب مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبرًا، فهي من باب كسا وأعطى تنصب مفعولين، "زادك الله حرصًا ولا تعد"، (لا) ناهية (تعد): فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة الجزم السكون، وهو من عاد يعود، مثل: قال يقول،

<<  <  ج: ص:  >  >>