والنهي منه "لا تفعل" كما قال تعالى: {فلا تقل لَّهما أفٍ}(الإسراء: ٢٣). إذن "لا تعد" من العود، يعني: لا تعد لمثل هذا العمل، وهذا متفٌق عليه في جميع الروايات أنه "لا تعد"، وزعم بعضهم أنه قال:"ولا تعد"، وهذا لا يصح لا رواية ولا دراية، وزعم بعضهم أنه قال:"ولا تعد" وهذا أيضًا لا يصح فالرواية الصحيحة الثابتة: "ولا تعد" من العوَّد، وهي متضمنة لعدم إعادته ومتضمنة لعدم عدوه أيضًا، ننظر الآن:"لا تعد"، إلى أي شيء؟ قلنا: إنه فعل أربعة أشياء: أسرع، وركع قبل أن يصل إلى الصف، ودخل في الصف، ووافق الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الركوع، فلم ينتظر حتى يقرأ الفاتحة، هذه الأمور الأربعة ننظر ما الذي يتوجه إليه النهي، أولًا إسراعه هل يتوجه إليه النهي؟ نعم، من أين يؤخذ؟ من دليل آخر وهو:"إذا أقيمت الصلاة فامشوا ولا تسرعوا". إذن الإسراع دخل في قوله:"ولا تعد"، دخوله قبل أن يصل إلى الصف أيضًا منهي عنه أم لا؟ نعم منهي عنه؛ لأن الإنسان مأمور بالمصَّافة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يكبر حتى تستوي الصفوف، فمن باب أولى أن يقال: إن الإنسان لابد أن يدخل في الصف قبل أن يكبر، مشيه إلى الصف مأمور به لكي يدخل في الصف.
رابعًا: دخوله مع النبي -عليه الصلاة والسلام- بدون أن يقرأ الفاتحة، هل يتوجه إليه النهي؟ لا يتوجه لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "ما أدركتم فصلُّوا"، الآن هو أدرك الركوع فليصلِّ ولا ينتظر؛ ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إذا ركع فاركعوا" فيكون النهي في قوله: "لا تعد" للإسراع أو للركوع قبل الدخول في الصف أمَّا "لا تعد" فيعني: لا تركع إذا أدركت الإمام راكعًا فهذا لا يتوجه إليه النهي؛ لأن الأحاديث الأخرى تدل على أن الإنسان إذا أتى والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام، هذه الأشياء هي التي يتوجه إليها النهي في قوله:"لا تعد"، فصار يتوجه إلى شيئين ولا يتوجه إلى شيئين آخرين، نعود إلى القصة فهي معروفة وذلك أن الصَّحابي رضي الله عنه جاء والنبي راكعًأ فأسرع وأدركه راكعًأ خوفًا من أن تفوته الركعة، وحرصًا على إدراك الركوع.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد منها: أنه ينهى الإنسان أن يسرع ولو أدرك الإمام راكعًا؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "ولا تعد"، إلا أن أهل العلم رخَّصوا في الإسراع الذي لا يقبح، كما نَّص عليه الإمام أحمد رحمه الله، فقد قال: ما لم تكن عجلة تقبح، فقيَّدها بأن تكون قبيحة، أمَّا إذا كان إسراعًا مع هدوء وسكينة فلا حرج رخَّص فيه بعض أهل العلم، والأولى أن يبقى النص على ما هو عليه، والحمد لله هو في عافية، أمَّا ما يفعله بعض العامة الآن بأن يكون إذا جاء