١٣٦٨ - وعن عمران بن حُصين (رضي الله عنه): «أن رجلا أعتق ستة مماليك له عند موته، لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجزأهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال له قولا شديدًا». رواه مسلم.
هذا الحديث يدل على أن حكم التبرع في المرض حكم الوصية، ينفذ من الثلث وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد، وإنما اختلفوا هل تعتبر القيمة أو العدد من غير تقويم؟ فقال مالك: يعتبر التقويم، فإذا كانوا ستة أعبد أعتق الثلث بالقيمة سواء كان الحاصل من ذلك اثنين منهم أو أقل أو أكثر، وذهب البعض إلى أن المعتبر العدد من غير تقويم فيعتق اثنان فى مسألة الستة الأعبد.
وخالفت الحنفية، وذهبوا إلى انه يعتق من كل عبد ثلثه ويسعى كل واحد فى ثلثى قيمته للورثة، قالوا: وهذا الحديث آحادي خالف الأصول؛ وذلك لأن السيد قد أوجب لكل واحد منهم العتق، فلو كان له مال لنفذ العتق في الجميع بالإجماع، وإذا لم يكن له مال وجب أن ينبذ لكل واحد منهم بقدر الثلث الجائز تصرف السيد فيه.
ورُد بأن الحديث الآحادي من الأصول، فكيف يقال: إنه خالف الأصول؟ ولو سلم فمن الأصول أنه لا يدخل ضررا على الغير وقد أدخلتم الضرر على الورثة وعلى العبيد المعتقين.
وقال الشيخ ابن باز (رحمه الله) في تعليقه عن الحديث: الحديث فيمن كان له مال محدود من أرقاء، وأعتقهم أو أوصى بهم جميعا فليس له إلا الثلث، ولهذا لما عتقهم جميعًا وليس له مال غيرهم أقرع النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهم؛ فأعتق أثنين وأرق أربعة، هذا هو الحكم، فإذا كانوا لأبيه وأوصى بعتقهم، فإنه يعتق الثلث ويخرج بالقرعة كما فعله النبي: : ، وهذا معنى حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لسعد: «الثلث والثلث كثير»، ليس للموصي إلا الثلث سواء كان ماله أرقاء أو نقودًا أو أرضا ليس له إلا الثلث.
[تعليق العتق]
١٣٦٩ - وعن سفينة (رضي الله عنه) قال: «كنت مملوكا لأم سلمة فقالت: أعتقك، واشترط عليك أن تخدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما عِشت». رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والحاكم.
وهذا الحديث دليل على صحة اشتراط الخدمة على العبد المعتق، وأنه يصح تعليق العتق