للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان حوله طالب علم ما تقول كذا ثم كيف تجمع بين هذا وبين هذا وكأنه يفصل ويبين أنه من أكبر العلماء، كن خفياً تكن عند الله تعالى عظيماً رفيعاً

في هذا الحديث فوائد: منها: إثبات محبة الله عز وجل لقوله: "إن الله يحب" ومنها الحث على هذه الأوصاف الأربعة وهي تحقيق العبودية لله عز وجل، والثاني التقوى والثالث الغني عما في أيدي الناس، والرابع الخفاء، هذه الصفات يحبها الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا بها إلا حثاً عليها.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يستغني عما في أيدي الناس بل ويستغني عن الناس فلا يطلبنّ من أحد شيئاً إلا عند الضرورة لا يطلب مالاً ولا يطلب مساعدة ولا يطلب شفاعة ولا يطلب أي شيء إلى عند الضرورة؛ لأنه لا يتحقق كونه غنياً إلا بهذا.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يكون خفياً لكن هل يلزم من ذلك أن نأمره بالعزلة؟

الجواب: لا، لا نقول: اعتزل الناس، لكن نقول: لا تحرص على إبراز نفسك، ثم اعلم أنك إذا أخفيت نفسك وكنت أهلاً لأن تظهر وتبرز فإن الله سوف يظهرك ويبرزك ويعلم الناس بك، أما العزلة فأصح الأقوال فيها أنها إذا كانت دفاعاً عن الدين فهي خير، وإلا فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم.

إذن خالط الناس واصبر على أذاهم، وقول الرسول: "ويصبر على أذاهم" يدل على أن هذا الرجل كان يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر؛ لأن الذي لا يتعرض للناس لا يؤذونه، لكن الذي يتعرض هو الذي يؤذى، وقد قال لقمان لابنه: {يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك} [لقمان: ١٧].

[من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه]

١٤١٦ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". رواه الترمذي، وقال حسنٌ.

"من" هنا للتبعيض، وهي خبر مقدم، وتركه مبتدأ مؤخر، "ترك ما لا يعنيه" أي: ما لا يهمه ولا تتعلق به حاجته ولا ضرورته بل لا شأن له به، فإذا رأيت الرجل يترك هذا الشيء ولا يتعرض للسؤال عما لا يعنيه فاعلم أنه حسن الإسلام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>