للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء من الجهل في الشريعة، وعندهم الضعف الشخصي؛ وعندهم أنهم يدارون، ولا أستطيع أن أقول: يداهنون؛ لأن هذه تهمة عظيمة، لكن يدارون غيرهم، ولو مشوا على يريد الله عز وجل ورسوله لبرزوا على غيرهم غاية البروز ولأخذ غيرهم منهم كما اخذ الآن من الإسلام كثيرًا من الأخلاق الفاضلة مثل الصدق والنصح، يمكن أن تجد احد المسلمين يغشك في السلعة عند البيع، والكافر لا يغشي وهذا وارد، بعض المسلمين لا ينفذ العمل المستأجر عليه كما ينبغي والكافر ينفذ، وإن كنا لا نردي بهذا مدح الكافرين، لكن قصدهم في إحسان المعاملة لئلا يجتمع حشف وسوء كيلة.

فالحاصل: أن الدين الإسلامي دين سياسة في عبادة الله عز وجل، وفي معاملة الناس، وفي الأخلاق، وفي العلاقات الدولية، وفي كل شيء فنحتاج إلى نظر، يعني: كثير من طلبة العلم تجده مثلًا يقرأ الحديث: "لا يبع بعضكم على بيع بعض" وما أشبه ذلك من الأحاديث، فينظر إليها من زاوية واحدة فقط وهي تحريم البيع على بيع المسلم والخطبة على خطبته، ولكن لا يتكلم على المعنى المهم وهو السياسة في العلاقات بين الناس؛ لأنك إذا بعت على بيعه فسوف يكون في قلبه شيء عليك، مهما كنت معه في المصاحبة والقرب، لو بين مثل هذه الأمور فضلًا عن شرح الأحاديث حتى يتبين للناس سمو الدين الإسلامي ويتقبلوه ويعتنقوه عن قناعة فضلًا عما يكون بين العبد وربه فهذا هو الغاية.

[قدر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب والعشاء والفجر]

٢٧٧ - وعن سليمان بن يسار رضي الله عنهما قال: "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل وفي العشاء بوسطه وفي الصبح بطواله. فقال أبو هريرة: ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا". أخرجه النسائي بإسناد صحيح.

قوله: "كان فلان يطيل الأوليين من الظهر". "كان فلان" أبهم هذا الرجل ولم يعين اسمه، إما أن يكون نسيانًا من الناقلين عن سليمان بن يسار، أو لسبب من الأسباب، وفي مثل هذا الحال لا يهمنا تعيين الشخص؛ لأنه لا يختلف فيه الحكم، فلا يضر أن يكون هذا الشخص مجهولًا.

يقول: "كان يطيل الأوليين من الظهر ويخفف العصر" يشبه حديث أبي سعيد السابق: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل في قراءة الظهر ويخفف في قراءة العصر، وسبق بيان السبب في ذلك، "ويقرأ في المغرب بقصار المفصل". والمفصل: هو ما كثرت فواصله لقصر سوره. قال أهل العلم: ويبدأ بـ "ق" وينتهي بـ"الناس"، وطواله من "ق" إلى "عم"، وقصاره من الضحى إلى آخر القرآن،

<<  <  ج: ص:  >  >>