وفيه أيضًا: أنه من كبائر الذنوب ووجه كونه من كبائر الذنوب: الوعيد عليه، لأن كل ذنب توعد عليه بوعيد خاص فإنه يكون من كبائ الذنوب، لأن المحرمات نوعان: منهيات لم تذكر لها عقوبة، ومنهيات ذكر لها عقوبة، فالأول صغائر، والثاني كبائر هذه هي القاعدة عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الكبيرة ما رتب عليها وعيد خاص دون الوعيد العام على كل شيء.
ومن فوائد الحديث: أن الغلول نار على صاحبه يوم القيامة فإن ما غله يوقد عليه نارًا كما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) في صاحب الشملة الذي غلها أنها نار عليه.
ومن فوائد الحديث: حسن تعليم الرسول (صلى الله عليه وسلم)، حيث ربط الحكم بالعلة لما نهي عنه بين ما يترتب عليه.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز الترهيب عن العمل المحرم فيما ذكر من عقوبة الدنيا والآخرة، ولا يقال: إن تارك المحرم خوفًا من عقوبة الدنيا لا يكون له أجر بل يكون له أجر حتى وإن تركه خوفًا من عقوبة الدنيا لكن أجره ناقص عمن تركه خوفًا من عقوبة الآخرة.
فإن قال قائل: فإذا غل الإنسان فماذا يكون الحكم؟
يقال: إن الحكم أن يحرق رحله كله إلا السلاح والمصحف والحيوان، أما السلاح فلأنه ينتفع به في القتال وأما المصحف فاحترامًا له، وأما الحيوان فئلا يعذب النار مع أنه لم يحصل منه شيء.
[سلب القاتل]
١٢٢٩ - وعن عوف بن مالك (رضي الله عنه)"أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضي بالسلب للقاتل" رواه أبو داود.
- وأصله عند مسلم.
"قضي" بمعني: حكم، والقضاء يطلق على أمور متعددة منها: الفراغ من الشيء مثل قوله تعالى: {فقضاهن سبع سموات}، ومنها: الفصل مثل قوله: {وقضي بينهم بالحق} يعني: فصل بين الناس كما قال تعالى: {يوم القيامة يفصل بينكم}[الممتحنة: ٣]، ومنها: الحكم الشرعي أو الكوني ففي قوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب}[الإسراء: ٤]، كوني {فلما قضينا عليه الموت}[سبأ: ١٤] كوني {وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه}[الإسراء: ٢٣] شرعي يطلق أيضًا على علي الحكم بين الناس وهو بمعني الفصل الذي أشرنا إليه أولاً.
قوله:"السلب للقاتل" السلب ما على المقاتل من ثياب وسلاح ونحوها وهو على العدو