في حكم هذه المسألة، فذهب ابن عباس (رضي الله عنهما) إلى حل نكاح المتعة، وناظره على ذلك ابن عمه علي بن أبي طالب مُناظرة تامة حتى قال له: إنك رجل تائه، قاله علي لابن عباس وبين له أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حرمها وشدد على ابن عباس، ثم إن ابن عباس أختلف الناقلون هل أباحها للضرورة أو إباحة مطلقة؟ والمشهور -بل الذي عليه المحققون - أنه أباحها للضرورة؛ يعني: إذا كان الإنسان في بلد واضطر إليها وخاف الزنا فإنه لا بأس، لكنه لما رأى الناس توسعوا في هذا الأمر وصار كل واحد يدّعي الضرورة رجع عن فتواه ووافق الجماعة، أما العلماء من بعدهم فإن المشهور عند الشيعة أنهم يُحلون ذلك ويجيزونها، والعجب أنهم يدّعون عصمة علي بن أبي طالب وأنه إمامهم ثم يخالفونه في هذه المسألة، هو ينكرها إنكارا شديدا حتى على ابن عمه ويصفه بأنه تائه عن الصواب ومع ذلك يخالفونه كما خالفوه في المسح على الخفين، هو الذي روى التوقيت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسح على الخفين، وهم يقولون: لا يجوز المسح على الخفين، ولكن علماء الأمة وأئمتها حرموا المتعة وقالوا: إنها حرام، حَتَّى إن بعض علماء الشيعة المتأخرين أنكر المتعة وقال حقيقة الأمر أنها جناية على النساء، تصبح النساء وكأنهن غنم تقرعها التيوس، والمرأة إذا أفسدها الرجل المتمتع هل يرغب أحد في نكاحها بعد؟ لا، فتفسد النساء وتضيع الذرية ويصبح الشعب كأنه شعب بهائم، يعني: بعض العقلاء من الشيعة المعاصرين أنكروا هذا وقال: إن هذا لا يجوز، وإن الصواب مع المانعين.
على كل حال: أئمة المسلمين المشهورين كلهم يُحّرمون المتعة، ومن أجازها مثل ابن عباس أجازها عند الضرورة ويشترط ألا يترتب عليها مفسدة بالتوسع فيها وإلا مُنعت كغيرها من المباحات.
إذا قال قائل: الحكمة في النهي عن المتعة ما هي؟
أولاً: أن الله جعل النكاح مقراً وسكنًا بين الزوجين، فقال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: ٢١] وهذا من أعظم مقاصد النكاح وهو مفقود في نكاح المتعة؛ لأن الرجل نفسه يشعر إنما أراد أن ينال الشهوة فقط والمرأة تشعر بأنها امرأة مُستأجرة للمتعة فقط ولا تشعر بسكن ولا مودة ولا رحمة، ولهذا تجد المتمتع إذا لم تعجبه هذه المرأة ذهب يطلب امرأة أخرى وربما يأخذ بالمتعة عشر نساء قبل أن تغرب الشمس.
مسألة: هل نية المتعة كشرطها، يعني: لو أن الإنسان كان في بلد غريبًا، ثم أراد أن