يتزوج امرأة، ومن نيته أن يطلقها إذا غادر البلد، فهذا نكاح مؤقت ولكن بالنية، هذه المسألة اختلف فيها العلماء على قولين، فالمشهور من مذهب أحمد أن ذلك حرام ولا يجوز، وعللوا هذا بدليل وقياس؛ أما الدليل فقالوا: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «إنما الأعمال بالنيات»، وهذا نوى نكاحًا مؤجلاً فثبت له ما نوى، وأما القياس فقالوا: إن الإنسان إذا تزوج امرأة لتحليلها لمطلقها ثلاثا بالنية لا بالشرط فإن النكاح يكون فاسداً كما لو شرط ذلك في العقد، قالوا: فإذا كان نكاح التحليل يثبت بالنية فكذلك نكاح المتعة: مع أن التزوج في نكاح التحليل لا يعلم أهل الزوجة ماذا يريد هذا الزوج، وأما الذين قالوا بالجواز فقالوا إن الفرق بينه وبين نكاح المتعة أن نكاح المتعة إذا تمّ الأجل انفسخ النكاح بمقتضى الشرط الذي اشترطه الزوج على نفسه واشترطته المرأة أيضا لنفسها، وأما النية فإنه لا ينفسخ النكاح، لأنه ربما تتغير نيته ويرغب في المرأة ويبقيها زوجة له، ولكن أنا أرى أنه حرام حتى وإن قلنا: إنه ليس من المتعة، وذلك لأن فيه غشًا للزوجة وأهلها، فإن الزوجة لو علمت أن هذا الرجل لا يريد إلا أن يتمتع بها أيامًا ثم يُطلقها لم ترض بذلك وأهلها لا يرضون بذلك، لاسيما أنها تكسد إذا فضر بكارتها أصبحت يَا غير مرغوب فيها، لاسيما أن بعض دول الكفر يرون أن المرأة المطلقة لا يمكن أن تتزوج مدى الدهر وحينئذ تكون معرضة نفسها للسفاح، ولذلك نرى أن هذا حرام لا من جهة العقد، لأننا حتى لو تنازلنا وقلنا: إن العقد لا تُؤثر فيه النية فإن فيه تحريمًا من جهة أخرى وهي الغش، أنت لو أراد شخص أن يتزوج ابنتك أو أختك بهذه النية هل ترى بأنه غاش لها؟ نعم لا شك، ولو علمت بأن هذه نيته ما زوجته، إذن فعامل غيرك بما تُحب أن يعاملك به.
فإذا قَالَ قائل: القول بالجواز فيه فسحة للغرباء وفيه منع لهم عن الزنا؟
فالجواب عن هذا سهل أن نقول: إن دواء خوف الزنا بينه الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم» فأنت إذا كنت مستطيعًا للنكاح الصحيح فتزوج بنكاح صحيح لا بنية أنه سيطلقها، وإذا كنت غير مستطيع فعليك بالصوم، هكذا بين لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأما أن نرتكب المحظور من أجل إرضاء الشهوة وخوف الفتنة كما يقولون فهذا ليس بصحيح، خوف الفتنة بين لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دواءه فلنأخذ بهذا الدواء، أما أن نرتكب المحظور ونخلع الناس ونغشهم فهذا ليس بسديد، أما الآن فنعود لبقية الحكم في تحريم نكاح المتعة فنقول: إن فيها مخالفة لمقصود النكاح، لأن مقصود النكاح الألفة وبناء البيت الزوجي والحصول على الأولاد، وهذا -أعني: نكاح المتعة - لا يشتمل على