هذه الحكمة، لماذا؟ لأن الزوج نفسه يشعر بأنه مفارق لهذه الزوجة فلا تحصل الألفة التي يطمئن بها القلب لا بين الزوج ولا بين الزوجة. ثانيا: أن الزوج في هذه الحال سيحاول بقدر الاستطاعة ألا تلد المرأة؛ لأنها مفارقة عن قرب، فسيحاول ألا يأتيه أولاد، وحينئذ تضيع هذه المياه التي كانت بصدد أن تنجب أولاداً بدون فائدة. ثالثا: أن في هذا مفسدة كبيرة للنساء؛ لأن هذا الرجل الذي يريد أن يتزوج نكاح متعة ليس له حد معين في العدد يتزوج ما شاء، فممكن أن يتمتع في الليلة الواحدة بعشر نسوة، يعني: في الشهر ثلاثمائة امرأة تفض بكارتها وتذهب هباء، وإذا قدرنا أن المتمتعين عشرات فكم من امرأة تفسد كل الأبكار تذهب بكارتهن بغير فائدة من سيتزوجها وهي ليست ببكر إلا إنسان بحاجة يعجز عن إدراك البكر ويتزوج امرأة ثيباً أو لغرض آخر يختار الثيب على البكر. ومنها أيضا: أن في هذا إهانة للمرأة وإهدار لكرامتها؛ لأن هذا المتمتع أصبح كالتيس بين الغنم لا يبالي بالنساء ولا يهتم بهن كأنه سلط عليهن لقضاء وطره فقط. ومنها أيضا: أن جميع ما يترتب على النكاح من الأحكام مفقود في المتعة، فيكون هنا استمتاع دون أن تترتب أحكام النكاح عليه مثل التوارث والمهر والأولاد وغير ذلك، كل هذه تفوت، وهذا لا شك أنه دمار، ولهذا كان من الحكمة أن الله سبحانه حرم نكاح المتعة وفي حديث سيرة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حرمها إلى يوم القيامة وعلى هذا فلا يمكن النسخ؛ لأن الحكم إذا قيد إلى يوم القيامة فإنه لا يمكن نسخه بعد ذلك؛ إذ إننا لو قلنا بجواز النسخ لقلنا بجواز كذب خبر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وهذا شيء مستحيل.
٩٥٣ - وعنه (رضي الله عنه): أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن متعة النساء، وعن أكل الحمر الأهلية يوم خيبر. أخرجه السبعة إلا أبو داود. كأن المؤلف ساق هذا اللفظ ليبين انفصال النهي عن المتعة عن أكل لحوم الحمر قال:«نهى عن متعة النساء». تم الكلام، «وعن أكل الحمر الأهلية يوم خيبر». قوله:«نهى عن متعة النساء» احترازاً من متعة الحج؛ لأن هناك متعتين الأولى: متعة الحج، وهذه ليست منهيا عنها، بل مأمور بها، إما أمر إيجاب وإما أمر استحباب، ومتعة الحج هو أن يحرم الإنسان بالعمرة في أشهر الحج ويتحلل منها ثم يحرم بالحج من عامة فتكون العمرة مستقلة عن الحج ويكون هو متمعاً بين العمرة والحج بما أحل الله له، ولهذا سمي تمتعا كما