وذكر التِّرمذيُّ ما يدلُّ على أنَّه منسوخٌ، وأخرج ذلك أبو داود صريحًا عن الزُّهري.
قوله:"اضربوا عنقه"، يعني: اقتلوه، ووجه ذلك: أن هذا الرجل الذي أقيم عليه الحد ثلاث مرات ولم تصلح حاله قد أيس من صلاح حاله، وإذا أيس من صلاح حاله فالأحسن أن يعدم حتى لا يزداد إثمًا ببقائه:"فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله".
وهذا الحديث اختلف العلماء في العمل به فقال المؤلف رحمه الله:"ذكر الترمذي ما يدل على أنه منسوخ وأخرج ذلك أبو داود صريحًا عن الزهري، وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء، أن هذا الحديث منسوخ، وأن شرب الخمر لا يبيح القتل لا في الرابعة، ولا في الخامسة ولا في العاشرة، وأنه إنما يجلد جلدًا، وذهبت الظاهرية إلى أن الحديث محكم غير منسوخ، وقالوا: إنه لا بد أن يقتل إذا تكرر منه أربع مرات، وفي كل مرة تقام عليه العقوبة، وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: إذا لم ينته الناس بدون قتله قتل، وإذا أمكن أن ينتهوا لم يقتل، وعلامة ذلك: أن نرى الناس يشربون الخمر ويجلدون ولكن يرجعون إلى الشراب وهذا يعني: أنه لا ينفع فيهم إلَّا القتل، وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام هو الصحيح؛ أولًا: أنه يمكن حمل الحديث عليه بأن يقيد حديث اقتلوه في الرابعة بما إذا أيس من صلاحه ولم يندفع إلَّا بالقتل.
ثانيًا: أنه إذا أستمر علين شرب الخمر مع كونه يعاقب ويجلد ثلاث مرات صار من المفسدين في الأرض الذين يحاربون الله ورسوله، وهؤلاء يقتلون أو يصلبون أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، إما على حسب نظر الإمام، وإما على حسب الجريمة كما سيأتي - إن شاء الله -، وعلى هذا فالقول الراجح أن الناس إذا لم ينتهوا بدون القتل فإنه يقتل من شرب في الرابعة وهو يعاقب في كل مرة.
[تجنب الضرب على الوجه]
١١٩٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ضرب أحدكم فليتَّق الوجه". متَّفقٌ عليه.
"إذا ضرب أحدكم"، وهذا عام في ضرب التأديب الذي يقع من الأب على ابنه، ومن المعلم على تلميذه وفى غيره، فإنه إذا ضرب الإنسان أحدًا فليتق الوجه، لماذا؟ لأن الوجه