١١٩٢ - ولمسلمٍ: عن عليٍّ رضي الله عنه في قصَّة الوليد بن عقبة: "جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكلٌّ سنّةٌه، وهذا أحبُّ إليَّ. وفي هذا الحديث: "أنَّ رجلًا شهد عليه أنَّه رآه يتقيَّأ الخمر، فقال عثمان: إنَّه لم يتقيَّأها حتَّى شربها".
قوله: "هذا أحب إليَّ"، "هذا" المشار إليه الثمانون؛ لأن الإشارة والضمير يعودان إلى أقرب مذكور، وإنما كان أحب إلى علي رضي الله عنه لما فيه من النكال والعقوبة، وفي الحديث - يعني: نفسه - الذي عند مسلم وقوله: "إنه لم يتقيأها حتى شربها" هذا معلوم.
ففي هذا الحديث فوائد منها: أنه يجوز الاقتصار على أربعين في شرب الخمر؛ لقول عليّ: "وكل سنَّة"، وتجاوز الزيادة على الأربعين؛ لأن علي يقول: "إنه سنة" الأول - أعني: الأربعين - سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وأول خلافة عمر، والثاني سنة عمر رضي الله عنه وقول علي: "كل سنة" يعني: كل سنة يجوز العمل بها.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي التغليظ في العقوبة كلما تتابع الناس في المعصية لقول علي: "وهذا أحب إلي".
ومن فوائد الحديث: جواز إقامة عقوبة شرب الخمر لمن تقيأ الخمر، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إن من تقيا الخمر وجبت عقوبته كالمرأة إذا حملت يجب أن تحد ما لم تدعي شبهة، وهذا الذي تقيأ الخمر يجب أن يعاقب بعقوبة شرب الخمر ما لم يدَّع شبهة، وهذا القول هو الراجح وهو الصحيح، وهو قول عثمان رضي الله عنه، وعلله بتعليل معقول صحيح، وهو أنه لم يتقيأها حتى شربها؛ لأنه من أين دخلت ليس هناك طريق إلَّا الفم وهذا هو الشرب، وقال بعض العلماء: إنه لا يحد إذا تقياها لاحتمال أن يكون شربها جاهلًا أو مكرهًا أو ما أشبه ذلك، نقول: هذا الاحتمال وارد حتى فيمن شربها يحتمل أنه مكره أو أنه جاهل يحسب أن هذا شراب عادي، نعم لو أن الذي تقيأها ادعى أنه لم يعلم ولما علم تقيأها لقلنا: إنه لا تجب عقوبته لأنه جاهل، فإذا لم يدَّع شبهة فإن الأصل كما قال عثمان رضي الله عنه: "أنه لم يتقيأها حتى شربها".
١١٩٣ - وعن معاوية رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في شارب الخمر: "إذا شرب فاجلدوه، ثمَّ إذا شرب الثَّالثة فاجلدوه، ثمَّ إذا شرب الرَّابعة فاضربوا عنقه". أخرجه أحمد وهذا لفظه، والأربعة.