للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأذنيه، ولكن هذا القول ضعيف، نعم لو فرض أن اليد يبست نهائيا ولم يكن فيها بلل إطلاقا فحينئذ يحتاج إلى أن يبل بماء جديد، وهذا يتصور فيما إذا كانت الريح شديدة وكان الشعر كثيفا، وإلا فإن الغالب أنه يبقى البلل.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه يمسح الأذنين بما بقي من الرأس هذا على رواية مسلم.

ومن فوائده: أنه يأخذ ماء جديدا لكل عضو لقوله: "غير فضل يديه"، ولكن لو فرض أنه لم يأخذ فهل يصح الوضوء أو لا؟ يعني: لو أن إنسانا غسل يديه وبقي فيهما بلل ومسح بهما رأسه فهل يجزئ أو لا؟

نقول: أما على قول من يرى أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهرا غير مطهر فإنه لا يصح أن يمسح رأسه بالماء الفاضل بعد غسل اليدين؛ لأن هذا الفاضل يستعمل لطهارة واجبة فيكون طاهرا غير مطهر. وأما على القول الثاني: أنه ليس هناك قسم طاهر غير مطهر فإنه إذا بقي بلله يبل به الرأس فلا حرج؛ لأن المقصود مسح الرأس وقد حصل.

[فضل إسباغ الوضوء]

٤٠ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل". متفق عليه، واللفظ لمسلم.

قوله: "سمعته يقول: إن أمتي يأتون" والمراد بالأمة هنا: أمة الإجابة؛ لأن الأمة يراد بها أمة الدعوة؛ يعني: الأمة التي وجهت إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يعم جميع الناس منذ بعث الرسول - عليه الصلاة والسلام- إلى يوم القيامة كلهم أمته، وأمة الإجابة وهم الذين استجابوا للرسول - عليه الصلاة والسلام-، فأمة الدعوة وجهت إليهم الدعوة فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

وأمة الإجابة هم الذين استجابوا، فكل فضل ورد في الأمة - أمة النبي صلى الله عليه وسلم- فإنه يحمل على أمة الإجابة؛ لأن أمة الكفر ليس لها فضيلة.

يقول: "يأتون يوم القيامة" أي: يوم يبعث الناس، وسمي يوم القيامة لوجوه ثلاثة:

الوجه الأول: أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله عز وجل كما قال الله تعالى: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: ٦].

الثاني: أنه يقام فيه العدل لقول الله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا} [الأنبياء: ٤٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>