للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الحديث فوائدها منها: أن عقد النكاح إذا كان فاسداً وقد تم في عهد الكفر فإنه لا يحكم بفساده، وجه ذلك: أنه لو حكم بفساده لقال النبي (صلى الله عليه وسلم): فارق الست الأخيرات، لأن ما زاد على أربع يعتبر فاسداً. ومن فوائده: أنه إذا أسلم وقد زال المانع فإنه يبقي على نكاحه؛ لماذا؟ لأن هؤلاء النساء لا يحرمن بأعيانهن إنما يحرم أن يجمع أكثر من أربع، فإذا فارق ستاً مثلا زال المانع. ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز للإنسان أن يجمع أكثر من أربع نسوة، ويؤيده قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣]. ولو كانت الزيادة على أربع جائزة لقال: فانكحوا ما شئتم أو ما طاب لكم من النساء ولم يقيد، فكونه -سبحانه وتعالى- قيد دليل على أنه لا يجوز للرجل أن يجمع أكثر من أربع. فإن قيل: أليس النبي (صلى الله عليه وسلم) جمع أكثر من أربع؟ فالجواب: بلى قد جمع النبي (صلى الله عليه وسلم) أكثر من أربع مات عن تسع، ولكن هذا من خصائصه، وقد خصه الله عز وجل في مسائل عديدة في النكاح لا تحل لغيره، والله عز وجل له أن يخص من شاء من عباده، ثم إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أبيح له أكثر من أربع نسوة لا من أجل الطرب والشهوة ولكن من أجل المصالح العظيمة التي تترتب على زيادة النساء عنده، ويدل على هذا أنه (صلى الله عليه وسلم) لم يتزوج بكراً قط إلا عائشة، كل اللائي تزوجهن ثيبات إلا عائشة، وهذا يدل على أن تزوج الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليس الغرض منه مجرد قضاء الوطر ولو كان كذلك لكانت البكر أحسن والنبي (صلى الله عليه وسلم) يعلم هذا، وقد قال لجابر حين سأله: «هل تزوجت؟ » قال: نعم، قال: «أبكر أم ثيباً» قال: ثيباً، قال: «فهلا تزوجت بكراً تلاعبك وتلاعبها، وتضاحكك وتضاحكها» قال: يا رسول الله، إن لي أخوات يحتجن إلى رعاية فاخترت الثيب، فهذا يدل على أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلم قال: «إن البكر أحسن من الثيب»، ومع ذلك لم يتزوج من النساء إلا ثيباً ما عدا عائشة، فزواجه (صلى الله عليه وسلم) من أجل المصالح التي تترتب على تعدد النساء وهذا يظهر لمن تأمله.

[رد من أسلمت إلى زوجها إذا أسلم]

٩٦٤ - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «رد النبي (صلى الله عليه وسلم) ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين بالنكاح الأول، ولم يحدث نكاحاً». رواه أحمد، والأربعة إلا النسائي، وصححه أحمد والحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>