٢٨٤ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه». رواه الدارقطني والحاكم، ورجاله ثقات، إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله.
قوله:"لا يغلق الرهن"، "يغلق" الغلق معناه: الحيلولة بين الإنسان والشيء، ومنه إغلاق الباب، لأنك إذا أغلقت الباب فإنك تحول بين من يدخل إلى البيت ومن كان في البيت، فمعنى "لا يغلق الرهن من صاحبه" أي: لا يمنع من صاحبه ويغلق دونه، ولكن كيف إغلاق الرهن؟ إغلاق الرهن له صورتان:
الصورة الأولى: أن المرتهن يأخذ الرهن ويستغله فيأخذ أجره كمؤجر ومنافع ينتفع بها ولا يكون للراهن منها شيء، وهذا إغلاق؛ لأنك حلت بينه وبين صاحبه، فإن منافع الرهن لا شك أنها لصاحب الرهن، ويدل لهذا التفسير قوله:"له غنمه وعليه غرمه"، وكانوا في الجاهلية إذا رهنوا شيئا استغله المرتهن وصارت منافعه كلها للمرتهن، والصورة الثانية لأغلاق الرهن: أنه إذا حل الأجل ولم يوف الدين أخذه المرتهن رغما على أنف الراهن سواء كان ذلك بقدر الدين، أو أقل أو أكثر، يأخذه فإذا رهنه بيته بدين إلى سنة وتمت السنة ولم يوفه أخذ البيت، وقال: اذهب وراءه هذا إغلاق لأنك منعت صاحبه من فصار إغلاق الرهن له صورتان: الأولى: أن يستغل المرتهن منافعه دون أن تعود إلى الراهن.
والصورة الثانية: أن يتملكه إذا انتهى الأجل ولم يوفه، وكلتاهما حرام -أي: الصورتين - وأكل للمال بالباطل، ولهذا نهى النبيي صلى الله عليه وسلم فقال:«لا يغلق الرهن» بكسر القاف على أنها حركت لالتقاء الساكنين، ويجوز:"لا يغلق" على أنها جملة خبرية، لكن معناها: النهي، فإن قال صاحب الرهن للمرتهن: إذا حل الأجل ولم أوفك فالرهن لك باختياره، ووافق على هذا المرتهن، فهل هذا يجوز؟ في هذا خلاف بين العلماء؛ منهم من قال: لا يجوز، واستدل بعموم قوله:"لا يغلق الرهن من صاحبه"، وعلل بأن هذا تعليق للبيع على شرط، وتعليق البيع بالشرط مناف لمقتضى العقد؛ لأن مقتضى عقد البيع التنجيز، والتعليق ينافي التنجيز، فله مأخذان عندهم، والصواب أن هذا جائز ولا بأس به، وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله وقد فعل ذلك بنفسه فاشترى حاجة من دكان، وقال له: خذ نعلي رهنا عندك إن أتيتك بحقك في الوقت