للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنفعة التي في هذه السيارة أو في هذا البيت إضاعة مال أعيان ومنافع، فالصحيح: أنه وإن كان الرهن لا يركب وليس له لبن يشرب فإنه إذا أمكن الانتفاع، به وجب الانتفاع ثم إما أن يؤجر على نفس المرتهن أو على رجل آخر، ولا مانع إذا لم يقبض الرهن كما هي العادة عند الناس اليوم إذا لم يقبض الرهن، الآن الإنسان يرهن ملكه وهو في يده -في يد الراهن- فقد قال بعض العلماء: إن هذا الرهن ليس بلازم، وإن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، وبناء على ذلك القول يجوز للراهن أن يبيع الرهن لأنه ليس بلازم، ولكن هذا القول ضعيف، والصحيح أنه يلزم بمجرد العقد؛ لقوله تعالى: {يأيها الذين أمنوا أوفوا بالعهود} [المائدة: ١]. وليس هناك دليل على اشتراط القبض للزوم الرهن، وأما قوله تعالى: {فرهان مقبوضة} [البقرة: ١٨٣]. فلأن الله تعالى إنما أرشدنا لقبض الرهن في هذه الحال؛ لأنه لا توثقة لنا إلا به، أي: بالقبض. {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} [البقرة: ١٨٣].

فإذا لم تقبض الرهن فسيضيع، ربما ينكر الراهن ويقول: ما رهنتك، ولهذا فنجد الذين يقولون بأن القبض شرط للزوم لا يقيدونه بهذه الحال التي قيدها الله به وهي ما إذا كان الإنسان على سفر ولم يجد كاتبا بل يقول: لابد من قبضه وإن كنت في الحضر ووجدت كاتبا وشهودا. مما يدل على ضعف المستند الذي سلكوه.

والخاصل: أن الرهن إذا لم يقبضه المرتهن وكان مما يمكن الانتفاع به وجب الانتفاع به، إما أن يؤجر على المرتهن أو على رجل آخر، أو إذا أذن المرتهن للراهن أن ينتفع به هو نفسه، ويأخذ مغلة للإنفاق على نفسه؛ لأن بعض الناس يقول: أنا رهنت بيتك ولكن اجلس فيه أنت وأهلك ولا تخرج، أو يقول: رهنت سيارتك ولكن استعملها وخذ أجرتها لك ولأهلك؛ لأن الغالب الذي يرهن سيارته أو بيته الغالب أن يكون فقيرا.

فالخلاصة الآن: أن الصحيح أن الرهن لا يمكن أن يبقى معطلا أينا سواء كان في يد الراهن أو في يد المرتهن، لأن تعطيله تفويت للمصلحة وإ ضاعة للمال، والصحيح أيضا أنه لا يشترط للزوم الرهن القبض، بل يلزم بمجرد العقد لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة: ١] والعمل عن الناس على هذا، تجد الإنسان يرهن بيته وهو ساكن فيه، يرهن سيارته ويستعملها فهذا هو القول الراجح.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>