٥١٨ - وعن أمِّ عطيَّة رضي الله عنها قالت:((دخل علينا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ونحن نغسِّل ابنته، فقال: اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك، إن رأيتنَّ ذلك، بماٍ وسدرٍ، واجعلن في الأخيرة كافورًا، أو شيئًا من كافورٍ، فلمَّا فرغنا أدنَّاه، فألقى إلينا حقوه. فقال: أشعرنها إيَّاه)). متَّفقٌ عليه.
- وفي روايةٍ:((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)).
- وفي لفظٍ للبخاريِّ:((فضفَّرنا شعرها ثلاثة قرونٍ، فألقيناها خلفها)).
جملة:((ونحن نغسل)) في موضع نصب على الحال أين صاحبها؟ ((نا)) في قوله: ((علينا)) وقولها: (نغسل ابنته)) أي: بناته؟ لأن بناته اللاتي متن في حياته ثلاث: زينب، ورقية، وأم كلثوم، قيل: إنها زينب، وهو الذي في صحيح مسلم، وقيل: إنها أم كلثوم، ولكن الصحيح أنها زينب، وقولها رضي الله عنه:((دخل علينا ونحن نغسل ابنته)) لأنهم كانوا- فيما يظهر- في حجرة فدخل عليهنَّ وكلمهنَّ.
وقوله:(اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك)) ((أو)) هنا للتخيير، وهل هو تخيير مصلحة أو تخيير تشهٍّ؟ تخيير مصلحة، وذلك لو أن الإنسان إذا خير بين شيئين فإن كان يعمل لنفسه فالغالب أنه تخيير تشه، وإن كان يعمل لغيره فالغالب أنه تخيير مصلحة؛ لأن الواجب على الإنسان في عمله لغيره أن يختار ما هو أصلح أما في عمله لنفسه فهو حر، وعلى هذا فقوله تعالى:{ففديةٌ من صيامٍ أو نسكٍ}[البقرة: ١٩٦]. هذا تخيير تشهٍّ؛ لأنه لمصلحتهم، وأما إذا كان لمصلحة غيره فإنه يكون تخيير مصلحة، وهنا لمصلحة الغير.
قال:((أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)). قوله:((إن رأيتن)) هذا قيد في قوله: ((اغسلنها ثلاثًا))، فيشمل حتى الثلاث، إن رأين أن يغسلنها ثلاثًا فعلن وإلا اكتفين بواحدة، وقوله:((إن رأيتن ذلك)) الرؤية هنا ما هي: بصرية أو عملية قلبية؟ الظاهر أنها قلبية.
يستفاد من قوله:((أكثر من ذلك)): أنه يجوز الزيادة على السبع لقوله: ((أو أكثر من ذلك))، ولم يقيد، بل في صحيح البخاري:((أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك))، وفي هذا دليل على أن تغسيل الميت يراعى فيه جانب النظافة؛ لأنه لو كان من باب الاغتسالات الشرعية لكان لا يزاد على ثلاثة، بل إن الغسل الشرعي على القول الراجح مرة واحدة ما يثلث فيه إلا الرأس وقوله:((اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا)) لماذا لم يذكر أربعًا؟ لأنه ينبغي أن يقطع على وتر، حتى لو أنقت بأربع تزيد خامسة.