ويستفاد من الحديث: جواز العمل برأي المرأة فيما يتعلق بشئون النساء لقوله: ((إن رأيتن ذلك)).
وفيه أيضًا: مشروعية وضع السدر في تغسيل الميت لقوله: ((بماء وسدر))، وقد ذكرنا أن أهل العلم يقولون: إنه يدق السدر ويوضع في الماء ويخلط باليد، فإذا صار له رغوة أخذت الرغوة فغسل بها الرأس، وبقية السفل يغسل سائر الجسم.
ويستفاد من قوله:((بماء وسدر)): أن الماء إذا خالطه شيء طاهر فإنه لا يسلبه الطهورية وإلا لم يكن لذلك فائدة.
ثم قال:((واجعلن في الأخيرة كافورًا)) ((اجعلن)): فعل أمر، وهذا الأمر ليس للوجوب بل هو للاستحباب، وهو الكافور: نوع من الطيب يشبه الشب، يدق هذا ويوضع في الماء ثم يكون في آخر غسله، وإنما كان في آخر غسله؛ لأن فيه فائدة وهي تبريد الجسم وتصليبه، والثالثة: طرد الهوام عنه؛ ولهذا قال:((اجعلن في الأخيرة كافورًا أو شيئًا من كافور)) ((أو)) هنا الظاهر أنها شك من الراوي، هل قال:((شيئًا من الكافور))، أو قال:((كافورًا))؟ واللفظة الأخيرة تدل على التقليل يعني: أن يجعل شيئًا من الكافور ليس شيئًا كثيرًا، ولكن شيء تحصل به الفائدة بدون أن يكون إسرافًا.
فلما فرغن آذناه، وكان قد قال- عليه الصلاة والسلام- في السياق الآخر:((فإذا فرغتن فآذنني))؛ أي: أخبرتني: قالت: ((فلما فرغن آذناه)) أي: أعلمناه بذلك، فألقى إلينا حقوه، فقال:((أشعرنها إياه))، الحقو: الإزار، وسمِّي به؛ لأنه يربط بالحقو، والحقو: هو أعلى الفخذ مما يلي البطن، وإنما أعطاهم إياه من باب التبرك بلباسه صلى الله عليه وسلم، وقال:((أشعرنها إياه)) أي: اجعلنه شعارًا لها، أي: مما يلي جسدها، فالشعار من الثياب هو الذي يلي الجسد، والدثار: ما فوقه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الأنصار في غزوة حنين:((الأنصار شعار والناس دثار)).
وفي رواية:((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوع منها))، ((ابدأن)) يعني: في التغسيل يعني بالأيمن فالأيمن، فاليد اليمنى قبل اليسرى، والرجل اليمنى قبل اليسرى، والشق الأيمن من البدن قبل الأيسر، ((ومواضع الوضوء منها))، وهي أربعة، وهي: الوجه، واليدان، والرأس، والرجلان؛ ولهذا قال أهل العلم في صفة تغسيل الميت: إن أول ما يوضع على سرير غسله أنه يرفع رأسه قليلًا، ويعصر بطنه برفق لأجل أن يخرج ما كان متهيئًا للخروج من الأذى والقدر، ثم بعد ذلك يجعل الغاسل على يده خرقة فيغسل فرجه وينجيه، ثم إذا نظفه مرة ألقى تلك الخرقة وأخذ