للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خرقة أخرى وبلها بالماء لأجل أن ينظف أسنانه ومنخريه بدون تنشيق؛ لأنه متعذر أن يستنشق، وبدون مضمضة وعللو ذلك بأنه لو صب الماء في فمه فإنه ينزل إلى أسفل، وإذا نزل إلى أسفل فإنه ربما يحرك ما في البطن فيخرج ويتلوث مرة أخرى، ثم يغسل وجهه، ثم يده اليمنى، ثم يده اليسرى، ثم رأسه، ثم رجليه، ثم بقية البدن يغسله غسلًا، وفي أذنيه ينظفهما بخرقة فإذا لم ينق الميت- وعلامة عدم النقاء: أن يزلُّ الماء فيكون كأن فيه دهنًا فمعناه: أنه لم ينق بعد- يعيد الغسل مرة ثانية وثالثة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السبع أو إلى أكثر، ثم بعد هذا ينشفه، ثم يكفنه بعد أن يجعل الحنوط، وعلمتم أنه يوضع السدر في الماء من أول غسلة، وأنه يوضع في آخر غسلة الكافور.

يقول: وفي لفظ للبخاري: ((فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها)) ضفرنا شعرها؛ أي: جعلناه ضفائر، عند العامة يسمونه جدايل، ((وألقيناها)) الضمير يعود على الضفائر وليس عل الشعر.

فيستفاد من بقية الحديث: أولًا: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على مراقبة تغسيل ابنته، يؤخذ من كونه- عليه الصلاة والسلام- ينتظر إعلامهن، ومعنى ذلك: أنه كان قريبًا منهن.

ومنها: أن الرجل لا يشارك في تغسيل ابنته؛ لأن الني صلى الله عليه وسلم لم يشارك، إذا لو شارك ما احتاج إلى أن يقول: ((فإذا فرغتن فآذنني)).

ومنها: أنه لا يحضر تغسيل ابنته؛ لأنه لا أحد من الرجال يغسل المرأة إلا الزوج مع زوجته والسيد مع سرِّيته، وإلا فالمرأة لا يغسلها أبوها ولا ابنها ولا أخوها، قال أهل العلم: ويكره لغير من يحتاج إليه أن يحضر حتى النساء، يعني: لا يحضر تغسيل الميت إلا من احتيج إليه سواء كان رجلًا أو امرأة مع النساء.

ويستفاد منه: جواز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم الحسية، يؤخذ من إعطائهن حقوه وأمرهن أن يشعرنها إياه.

وهل يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم الصالحون؟ يرى بعض أهل العلم: أن الصالحين يلحقون بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يتبرك بآثارهم وبعرقهم بثيابهم وما أشبه ذلك، ولكن الصواب: أنه لا يلحق به؛ لأن الصحابة- رضي الله عنهم- لا شك أن فيهم صالحين مبرزين في الصلاح، بل هم أفضل الأمة بعد الأنبياء، ومع ذلك ما كانوا يتبركون بآثار بعضهم مع بعض، ولو كان هذا من الأمور المشروعة لفعلوه حتى يثبت الحكم، ولأن هذا يؤدي إلى فتنة بالصالحين والتعلق بهم وفتنة للصالح نفسه؛ فإنه إذا رأى الناس يتبركون به قد تغره نفسه ويعجب بها، ويقول: أنا من أنا، وهذا ضرر عظيم؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في رجل مدح رجلًا عنده: ((قطعت ظهر أخيك

<<  <  ج: ص:  >  >>