قالت:«أن رجلاً» يعمدُ كثير من المحدثين إلى معرفة المبهمات من هذه الأسماء، وهذا لا شك أنه علم، ولكنه ليس كبير علم إذا كان لا يتعلق بمعرفة الشخص فائدة شرعية، أو يختلف به الحكم، مثل أن يكون ابن عم في القضية أو خال فإن التعيين ليس بذات أهمية كبيرة؛ لأن المقصود معرفة الحكم من القصة يقطع النظر عن الرجل إلا إذا كان تعيينه يختلف به الحكم، فحينئذٍ لابد من البحث عنه حتى يُعرف اسمه بعينه.
«فقال: يا رسول الله إن أمي افتُلتت» يعني: أُخذت فلتة، ومعنى فلتة أي: بغتة، أي أنها لم تكن مريضة ولكنها ماتت فجأة.
«ولم تُوص» يعني: لم تعهد إلى أحد في التصدق بعدها، وكأن هذا معروف بينهم أن الميت يوصي؛ لأنه سبق أن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب الوصية للأقارب.
قال:«وأظنها لو تكلمت تصدقت» وذلك بناء على ما عرفه من حال أمه أنها تُحب الصدقة، وأنها لو تكلمت تصدقت لكن أخذها الموت فجأة قبل أن تتكلم وأفلها أجر إن تصدقت» قال:«نعم» هذه الصيغة يأتي مثلها كثيرًا في القرآن، وهي أن يأتي حرف الاستفهام وبعده حرف عطف الفاء أو الواو أو ثم، وقد ذكرنا أن لعلماء النحو فيها قولين:
القول الأول: أن تكون الفاء مقدمة على الهمزة ولكن الهمزة قُدَّمَت لأن لها الصدارة.
والثاني: أن تكون الهمزة في مكانها والفاء في مكانها والمعطوف عليه محذوف يقدر بحسب ما يقتضيه السياق، وقد ذكرنا أن الوجه الأول غالبًا أسهل؛ لأنه يجعل هذه الجملة معطوفة عليل ما قبلها.
وقوله:«أفلها أجره» أي: ثواب عند الله «وإن تصدقت عنها» هذه «إن» شرطية، والشرط يحتاج إلى جواب، فأين الجواب؟ قال ابن القيم: إن مثل هذا التركيب لا يحتاج فيه الشرط إلى جواب استغناء بما سبق عنه، وقال بعضهم: إن هذا التركيب له جواب ويقدر بجنس ما قبله فمثلاً أفلها أجر إن تصدقت عنها فلها أجر ولا شك أن ما ذكره ابن القيم أقرب للصواب؛ لأن كل أحد يعرف أن مثل قول القائل:«أفلها أجر إن تصدقت عنها» لا يحتاج إلى جواب لأن الجواب