المثل أيضا بإقراره ولكن بالزوجية؛ لأن الأصل عدم تسليم المهر، يعني: رجل مريض قال في ذمتي لامرأتي عشرة آلاف مهرا مات الرجل هل تأخذ عشرة آلاف من التركة بناء على إقراره؟ نقول: على حسب ما اخترناه نعم تأخذ إلا إذا قيل إن هذا زائد زيادة فاحشة على مهر المثل؛ فإننا لا نقبل ما زاد على مهر المثل، أما إذا كان عادة فلها ذلك، لكن المذهب يقول: لها مهر المثل بكل حال بالزوجية لا بإقراره، وذلك لأن الأصل عدم قبضها المهر فيكون باقيا في ذمته.
ومن فوائد الحديث: تفاضل الأعمال لقوله: «أغنياء خير من أن .... إلخ».
مسألة: لو أن الورثة أجازوا ما زاد على الثلث، يعنى: أوصى الرجل بأكثر من الثلث فأجازوه فهل تنفذ الوصية أو لا؟ إذا أجازوها بعد الموت، فإنها تنفذ؛ لأن الحق لهم، وقد ثبت أن المال لهم بعد موت المورث، فإذا أجازوه فلا إشكال في الجواز، وأنه يثبت للموصي، وقالت الظاهرية: إنه لا يثبت ولو أجازه الورثة واحتجوا بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) منع من الوصية فيما زاد على الثلث، أما إذا أجازوها قبل الموت بأن أوصى رجل بأكثر من الثلث فقال: إني أوصيت بنصف مالي بعد موتي فهذا إما أن يكون مريضا مرض الموت أو صحيحًا، إن كان صحيحا فإن إجازتهم لا تؤثر ولا تنفع، ولهم أن يردوا الإجازة بعد الموت إذا كان صحيحًا لماذا؟ لأنه لم يوجد سبب الموت وهو المرض، فليس لهم في ماله أي تعلق، ولا يدري فلعلهم يموتون قبل، أما إذا كان في مرض الموت ففيه خلاف قوي، فمن العلماء من قال: إنه لا تنفع إجازتهم، ومنهم من قال: إنها تنفع، وهذا هو الصحيح إلا إذا علمتا أنهم إنما أجازوها حياء وخجلاً، فإنها لا تنفذ، ولا يجوز للمريض أصلاً أن يستأذنهم في ذلك.
مثاله: رجل مريض مرض الموت، وعنده عقار بيت هو كل ماله فجمع ورثته وقال لهم: أنا مريض وأريد أن أوصي بجميع بيتي، فهنا ربما يقولون: نعم حياء وخجلاً، فهنا نقول: لا يجوز له أن يفعل؛ لماذا؟ لأنه بالضرورة رجل مريض يدعو ورثته، ويقول: أسمحوا لي أن أجعل بيتي وقفا لي، فالعادة أنهم يخجلون ويوافقون لاسيما إذا كانوا أبناءه، فالصحيح في هذه المسألة الإجازة بعد الموت صحيحة ونافذة، الإجازة في حال الصحة غير مفيدة ووجودها كالعدم، ولهم أن يرجعوا بعد الموت، الإجازة في مرض الموت على القول الراجح صحيحة ونافذة إلا إذا علمنا أنهم أجازوا خجلاً فإنها لا تنفذ.