والرابعة: انتفاء الحكم بانتفاء علته؛ لأن العلة المنصوصة يتبعها الحكم بخلاف العلة المستنبطة، وفي حديثنا هذا نقول: لو لم يكن للإنسان وارث وأوصى بما زاد على الثلث فوصيته جائزة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا خلف مالاً للورثة فهو مأجور عليه، وجهه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير ... إلخ»، فجعل بقاء المال للورثة خيرا من الصدقة به لكنه أباح الثلث توسعة للإنسان، لئلا يُحرم الإنسان من ماله عند انتقاله من الدنيا.
ومن فوائد هذا الحديث: البناء على الظاهر؛ لأن الرسول قال:«إنك إن تذر ورثتك أغنياء»، مع احتمال أن يموت ورثة سعد ويبقى سعد، لكن الأمور تُبنى على الظاهر، وقد مر علينا كثيراً أن الاحتمالات العقلية لا تُعارض الأحكام الشرعية، يعني: أن حكم الشرع مبني على الظاهر، ولو جعلنا للاحتمالات العقلية مدخلاً في نصوص الكتاب والسُنة ما بقي دليل واحد إلا ويحتمل عدة معان إلا أن يشاء الله.
هل يصح إقرار المريض بمال لشخص أو لا يصح؟ يعني: هل نقول: إن إقراره كالصدقة إن أقر بها دون الثلث قبلناه وإلا فلا، أم ماذا؟ في هذا خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إذا أقر بما زاد على الثلث لم يقبل إلا بإجازة الورثة، ومنهم من قال: بل يُقبل مطلقا؛ لأن الإقرار إضافة استحقاق سابق بخلاف العطية المبتدأة فإنها كما عرفتم لا تصح إلا من الثلث فأقل لكن الإقرار ليس عطية، بل هو نسبة حق إلى أمر سابق، لاسيما إذا قال: إنه باقي ثمن البيت أو باقي ثمن السيارة أو قيمة كتب شرعية يعني: نسبه إلى سبب، فهذا لا شك أنه يقبل حتى لو استوعب جميع المال.
إذا أقر لوارث في مرض موته فهل يقبل أو نقول إن إقراره للوارث كالوصية للوارث؟ لا تقبل أو تفصل؟
فهاهنا ثلاثة احتمالات: هل يقبل أو لا يقبل أو يفصل؟ المشهور من المذهب أنه لا يقبل إقراره بالمال للوارث؛ لأنه متهم إلا إذا عزاه إلى سبب، فإن هناك قولاً آخر بالتفصيل وهو الصحيح أنه إذا عزاه إلى سبب فإنه يقبل بأن قال: لأخي عندي عشرة آلاف ريال باقي قيمة البيت، وقد علم أن أخاه قد باع عليه البيت، فهنا يقبل لماذا؟ لأنه عزاه إلى سبب، ومن ذلك إذا قال: إن في ذمته مهر امرأته وقدره عشرة آلاف، فإن الصحيح أنه يُقبل، المذهب: لا يُقبل حتى وإن عزاه إلى سبب، ولكنه إذا أقر بمهر لامرأته فإن لها مهر المثل لا ما أقر به، وليس لها مهر