للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به فيبيعه برخص إلا بمقدار الثلث، فلو كان عنده عقار يساوي ثلاثمائة ألف فباعه على شخص بمائة وخمسين ألفا، فإن هذا البيع لا يجوز، باعه بمائتي ألف يجوز، باعه بمائتين وخمسين يجوز من باب أولى.

ومن فوائد الحديث: تحريم الصدقة للمريض مرضا مخوفا بما زاد على الثلث، وجهه: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) منعه من التصدق بثلثي ماله، أو بالشطر، فإن كان صحيحا فهل يجوز أن يتصدق بما زاد على الثلث؟ نعم، ويجوز بالنصف وبالثلثين، بل بماله كله، لكن بشرط أن يكون عنده قدرة على التكسب لعائلته، فإن لم يكن له قدرة على التكسب لعائلته، فإنه لا يجوز أن يتصدق بما ينقص كفايتهم.

ومن فوائد الحديث: جواز استعمال «لا» في الجواب، وأنه لا يُعد جفاءً، وجهه أن أكمل الناس خلقا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال في جوابه: «لا»، لكن للأسف بعض الناس الآن يرى من الجفاء أن تقول للشخص: «لا»، وما دام النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: لا، وهو أكمل الناس خلقا (صلى الله عليه وسلم)، فإننا نعلم علم اليقين أن استعمالها لا يُعد جفاءً، ولا يخالف حسن الخلق.

ومن فوائد الحديث: جواز التنازل في المطلوب، وأن الإنسان لا ينبغي له أن ييأس، يعني: إذا مُنع من شيء أن يُعرض، بل ينزل إلى ما دونه، لأنه إذا لم يُحقق رغبته فيما زاد يمكن أن تتحقق له الرغبة فيما دون ذلك، ولهذا لم ييأس سعد (رضي الله عنه) لما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «لا» لم ييأس نزل قال: الشطر، فقال: «لا»، ولم ييأس. قال: الثلث.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي أن يقصر الموصي أو المتصدق في مرض موته عن الثلث، لقوله (صلى الله عليه وسلم): «الثلث والثلث كثير»، ولهذا صح عن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الريع، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «الثلث، والثلث كثيرة» وأبو بكر (رضي الله عنه) اختار الوصية بالخمس، وقال: أختار ما اختاره الله لنفسه؛ لأن الله قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١]. ولا شك أن ما اختاره أبو بكر (رضي الله عنه) مع قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «الثلث، والثلث كثير» يكون هو الأفضل، ولهذا قال الفقهاء (رحمهم الله): يُسن أن يوصي بالخمس.

ومن فوائد الحديث: حسن تعليم الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأنه قال: والثلث كثيره ثم علله، وهذا من حسن التعليم؛ لأن الحكم إذا قرن بعلته استفدنا من ذلك ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى: بيان سمو هذه الشريعة وأن أحكامها معلقة بالمصالح ومعللة بها.

والثانية: زيادة الطمأنينة بالحكم، لأن الإنسان إذا علم بحكمة الحكم ازداد طمأنينة.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>