يستثنى من هذا الحديث ما يثبت به السنة من العرايا في تمر النخل وكذلك في العنب على القول الصحيح، فلو أن إنساناً أراد أن يشتري ثمر نخل بتمر فإنه يجوز في باب العرايا لكن بشروط:
الشرط الأول: ألا يكون عند المشتري نقد.
والشرط الثاني: أن يكون محتاجاً للرطب يعني: يريد أن يتفكه، ليس إنساناً لا يهمه أن يأكل تمراً أو رطباً بل نفسه تشتاق إلى الرطب فهو في حاجة له.
والشرط الثالث: أن يكون في خمسة أوسق أو فيما دون خمسة أوسق، والوسق ستون صاغاً أي: ثلاثمائة صاع، فإن زاد عليها فإنه لا يجوز.
الشرط الرابع: أن يكون الرطب في خرصه بمقدار ما يئول إليه مساوياً للتمر؛ بمعنى: أن نقول: هذا الرطب إذا يبس يأتي منه مائة صاع ويبدل بمائة صاع بدون زيادة، يعني: يكون خرص الرطب بما يؤول إليه تمراً مساوياً للتمر الذي دفع.
الشرط الخامس: أن يأكله رطباً؛ أي يأكله المشتري رطباً، فلو تركه حتى أثمر بطل البيع، اللهم إلا أن يدعه لعذر كأن يحال بينه وبينه فهذا يعذر فيه، فهذه الشروط الخمسة يجوز بيع الرطب بالتمر، وإذا لم توجد هذه الشروط الخمسة فإنه لا يجوز، العنب كالتمر؛ لأن الناس يحتاجون إلى التفكه فيه، أما الزرع فلا؛ لأن الزرع مهما كان سوف يتحول إلى حب ولن ينتفع به قبل أن يكون حباً.
في هذا الحديث من الفوائد: أولاً: أنه لا يجوز بيع الرطب بالتمر، ولا فرق بين أن يكون الرطب على رءوس النخل أو قد فرك وجني، ويستثنى من ذلك ما أشرنا إليه من العرايا، في العرايا ذكرنا خمسة شروط، ونزيد شرطاً سادساً: وهو أن يكون الرطب على رءوس النخل، فإن كان قد جني فإنه لا يصح، لابد أن يكون على رءوس النخل لأجل أن يجنيه شيئاً فشيئاً.
يستفاد من هذا الحديث أيضاً: مراعاة تجنب الربا ولو على وجهه بعيد؛ لأنه حرم بيع الرطب بالتمر والزبيب بالعنب وكذلك الزرع بالحب.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز بيع الرطب باليابس فيما يشترط فيه التماثل وإن لم يكن على الوصف الذي ذكر في الحديث، فلو فرض أن لدينا تمراً طرياً -لكنه ليس رطباً- وتمر آخر يابساً فإنه لا يجوز بيع هذا بهذا، لماذا؟ لأن ذلك سوف يختلف في الكيل، فإن كيل الرطب ليس ككيل اليابس.