٨١٠ - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء الرطب بالتمر. فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم. فنهى عن ذلك». رواه الخمسة، وصححه ابن المديني، والترمذي، وابن حبان، والحاكم.
جملة "يسأل" حال من "النبي" يعني: سمعت مسئولاً، "اشتراء الرطب بالتمر" من باب شراء الربوي بجنسه، ومعلوم الاختلاف بين الرطب والتمر، وأنه لا يمكن فيهما التساوي، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم:«أينقص إذا جف؟ قالوا: نعم»، وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن نقصان الرطب إذا جف ليس سؤال استخبار؛ لأنه يعلم ذلك لكنه سؤال تقرير للحكم، وإشارة إلى العلة من أنه ينقص إذا جف، وبيع التمر بالتمر يشترط فيه التساوي وهو هنا معدوم، حتى لو أن الرطب خرص بما يئول إليه تمراً مساوياً بالتمر الذي بيع به فإنه لا يجوز؛ وذلك لأن الخرص ظن وتخمين، والمشترط العلم واليقين.
في هذا الحديث من الفوائد: حرص الصحابة -رضي الله عنهم- على تعلم العلم؛ لأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة الدقيقة.
ومن فوائده: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقرن الحكم بالعلة، وقرن الحكم بالعلة له فوائد:
منها: طمأنينة المكلف، فإن الإنسان إذا بين له الحكم بعلته ازداد طمأنينة، ولا شك أن المؤمن مطمئن بحكم الله ورسوله على كل حال لكنه يزداد، قال إبراهيم:{رب أرنى كيف تحى الموتى قال أو لم تؤمن}[البقرة: ٢٦٠].
ومن فوائد قرن الحكم بالعة: بيان سمو الشريعة، وأن أحكامها مبنية على حكم وأسرار، ولكن هذه الأحكام المبنية على الحكم والأسرار قد تكون حكمها وأسرارها معلومة، وقد تكون مجهولة؛ لأننا نحن لم نؤت من العلم إلا قليلاً، وليس كل حُكم حَكم الله به ورسوله نعلم حكمته؛ لأننا قاصرون، فلذلك كان ذكر علة الحكم مبيناً لسمو الشريعة وأن لها في أحكامها أسراراً وحكماً عظيمة.