يوجد فيها من خير ففي هدي الرسول- عليه الصلاة والسلام- ما هو خير منها، ونحن لا نقول: إنه لا يوجد خير في غيره، بل يوجد، ولكن خير الهدي هدي الرسول- عليه الصلاة والسلام-.
ويستفاد من هذا الحديث: أن المحدثات والبدع شر لقوله: "وشر الأمور محدثاتها" فهي شر وعاقبتها شر ولا خير فيها، بل هي شر الأمور لم يقل الرسول: المحدثات شر، بل قال:"شر الأمور محدثاتها" كل محدث فإنه شر ليس فيه خير.
ويُستفاد منه: أنه مع كونه محدثًا شرًّا وعاقبته ذميمة أنه ضلال أيضًا، لقوله:"وكل بدعة ضلالة"، فلا علم ولا رشد، لا علم في البدع ولا رشد، لأنها شر الأمور ولأنها ضلالة.
ويُستفاد من هذا الحديث: أن جميع البدع ضلالة كل البدع، من أين يؤخذ؟ من عموم "كل"، و"كل" هذه أنصُّ ألفاظ العموم على العموم، لأنها واضحة كلية محكمة، لا يدخل فيها شيء ولا يخرج منها شيء:"كل بدعة ضلالة".
ويُستفاد من هذا الحديث: أن تقسيم البدع إلى ثلاثة أقسام أو إلى خمسة أقسام تقسيم باطل؛ لأنه مخالف للنص، والرسول صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بما يقول وأبلغهم وأفصحهم.
[استحباب طول الصلاة وقصر الخطبة]
٤٢٩ - وعن عمَّار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته مئنَّة من فقهه". رواه مسلم.
يقول:"إن طول صلاة الرجل" المراد بالصلاة هنا: صلاة الجمعة، بدليل قرنها بقوله:"وقصر الرجل" يعني: في صلاة الجمعة، "وقصر خطبته" يعني: في خطبة الجمعة، "مئنة" المئنة بمعنى: العلامة أو بمعنى الأثر؛ لأنه قال:"من فقهه" يعني: أثر من فقهه، ومن هو الفقيه؟ نقول: الفقه في اللغة: الفهم، وأما في الشرع فهو: الفهم في دين الله، وهذاالتعريف الذي عرفت به الآن يشمل الفقه الأكبر والفقه الأصغر؛ لأن الفقه نوعان: فقه أكبر، وفقه أصغر، الفقه الأكبر: ما يتعلق بذات الله، والأصغر: ما يتعلق بأفعال العباد، يعني: علم التوحيد يسميه العلماء الفقه الأكبر، وعلم أعمال العباد من طهارة وصلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وبيع ورهن، وما أشبه ذلك يسمونها الفقه الأصغر، فإذا قلنا: إن الفقه شرعًا هو الفهم في الدين، في اللغة الفهم مطلقًا، حتى الإنسان الذي يفهم كلام الناس فيما بينهم يقال:"فقه الحديث"، لكن في الشرع هو الفهم في دين الله، هذا الفقه.