للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن يُستفاد من ذلك: أنه ينبغي للخطيب أن يفعل هذا اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولأنه أقوى تأثيرًا مما إذا جاءت الخطبة باردة، ولكن هل نقول: إن هذا مشروع في كل خطبة، أو نقول: إن هذا في الخطب التي للوعظ والزجر، وأمّا الخطب التي تكون لبيان الأحكام فإنها لا تحتاج إلى هذا؟ هذا الأخير هو الأظهر؛ لأن الرسول- عليه الصلاة والسلام- فيما إذا لم يكن خطبته موضوعة على الزجر والتخويف كان يقولها بدون ذلك كما في حديث بريرة قام وخطب الناس، وكما في حديث المرأة التي سرقت ما كان يحدث له هذا لأنه لبيان الأحكام مع أن فيها شيء من الزجر، لكنها ليست كخطبة الجمعة.

ويُستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي أن يقول في الخطبة: "أما بعد"، ولكن هل تُقال في كل جملة أو في كل سطر أو ماذا؟ في مستهل الخطبة يعني: عند الدخول في الموضوع، وأمّا قول بعضهم: بأنه يحتاجها للانتقال من أسلوب إلى آخر ففيه نظر، لو قلنا بهذا لكان يؤتي بها إذا انتقلنا من خبر إلى إنشاء أو إذا انتقلنا من كلام على شيء إلى كلام آخر وهو ليس كذلك، لكنه يؤتي بها عند الدخول في الموضوع، وقد قال بعض العلماء: إنّها فصل الخطاب الذي أوتيه داود: {وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب} [ص: ٢٠]. قال: يعني يفصل آخره من أوله، ولكن هذا فيه نظر، والصواب: أن فصل الخطاب هو الحكم بين الناس.

ويُستفاد من الحديث: أن خير الحديث كتاب الله من كل ناحية: في اللفظ، والمعنى، والتأثير، والحال، في كل شيء خير الحديث كتاب الله.

ويستفاد منه: الحث على قراءة القرآن والتمسك به، من أين يؤخذ؟ من قوله: "خير الحديث" وما كان خير الحديث فينبغي ملازمته.

ويستفاد من هذا: أن القرآن كلام الله، يؤخذ من قوله: "خير الحديث"؛ حيث وصفه بالحديث، فالحديث هو القول، فإذن القرآن يسمى حديثًا ويسمى قولًا، ويسمى خبرًا، ويسمى قصصًا أيضًا: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: ٣].

ويُستفاد من الحديث: أن خير الهدي هدي الرسول- عليه الصلاة والسلام- من قوله: "خير الهدي هدي محمد".

ويُستفاد منه: أن كل خير يوجد في طرق أخرى غير طريق الرسول- عليه الصلاة والسلام- فإن طريق الرسول خير منه لقوله: "خير الهدي"، فأي خير يوجد في هدي غير الرسول- عليه الصلاة والسلام- فإن في هدي الرسول ما هو خير منه؛ لأن قوله: خير الهدي هدي محمد" يشمل الجزئيات والكليات، ما من خير في أي هدي يكون إلا وفي هدي الرسول- عليه الصلاة والسلام- ما هو خير منه، إذن النظم والقوانين والدساتير الوضعية ما

<<  <  ج: ص:  >  >>