مجمع المحاسن، والضرب على الوجه ربما يؤدي إلى جرحه أو ميله أو غير ذلك، والضرب على الوجه أشد إذلالًا للمضروب من الضرب على الصدر أو على الرأس أو على الظهر، فصارت العلل ثلاثًا.
في هذا الحديث: دليل على وجوب اتقاء الوجه عند الضرب في أي حالٍ من الأحوال، وبه نعرف خطأ كثير من الناس الذين يربون أولادهم تجده يضربه على الوجه ولا يبالي، لكن لعل هذا يكون جهلًا منهم، وإلا فمن علم بالنهي فلا أظنه يرتكبه إلا أن يشاء الله.
١١٩٥ - وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقام الحدود في المساجد". رواه التِّرمذيُّ والحاكم.
"الحدود" نائب فاعل، و"تقام" مبني لما لم يسم فاعله، والحدود جمع حد، والمراد بها العقوبات المقدرة شرعًا في المعصية لتمنع من غيرها، والمساجد جمع مسجد، وهو المبني ليصلى فيه، وإنما نهي عن ذلك؛ لأن المحدود قد يحصل منه حدث من شدة الضرب، وقد يحدث منه صراخ، وقد يحدث منه سب أو شتم، وهذا كله غير لائق بالمساجد، فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إقامة الحدود في المساجد.
[الخمر بين الطهارة والنجاسة]
١١٩٦ - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال:"لقد أنزل الله تحريم الخمر، وما بالمدينة شرابٌ يشرب إلَّا من تمرٍ". أخرجه مسلمٌ.
قوله:"لقد أنزل الله" هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: الأول: القسم المقدر؛ لأن "لقد" جواب لهذا القسم، الثاني: لام القسم، الثالث:"قد"، وقوله:"أنزل الله تحريم الخمر" صريح في أن قوله: {فاجتنبوه} للوجوب؛ أي لوجوب الاجتناب، ووجوب الاجتناب يقتضي تحريم الفعل وقوله:"وما بالمدينة" الباء هنا بمعنى "في"، وإتيان "الباء" بمعنى "في" كثير، ومنه قوله تعالى:{وإنَّكم لتمرُّون عليهم مُّصبحين * وباللَّيل أفلا تعقلون}[الصافات: ١٣٧ - ١٣٨].
وقوله:"شراب يشرب إلا من تمر" وهو معروف، وذلك أن التمر يوضع في الماء، فإذا مر عليه مدة صار هذا الماء الذي وضع فيه التمر خمرًا إذا شربه الإنسان سكر، وإنما ذكر ذلك ليبين رضي الله عنه أن ما ساوى التمر في الإسكار فهو مثله.