ثانيًا: أنه ينبغي للإنسان أن يولي الموت عناية واهتمامًا، ويشعر نفسه بالفزع لرؤية الميت، لقوله:"فقوموا"، فإن ذلك فزع يفزعه الإنسان حتى يقوم.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز لمن قام لرؤية الجنازة أن يتبعها أو لا يتبعها؛ لقوله:"فمن تبعها"، ولم يقل: فقوموا واتبعوها.
ومن فوائد الحديث: أن حمل الميت وكذلك دفنه ليس فرض عين، وجهه: لو كان فرض عين لقال: اتبعوها، ولوجب على كل من رآها أن يتبعها، فليس فرض عين ولكنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فإن رأيت طفلًا صغيرًا بيد رجل حمله إلى المقبرة فهل اتباعه فرض عين؟ هل الذي وحده يتمكن من دفنه؟ لو ذهب إلى المقبرة ووضعه فجاء كلب فأكله فهذا ممكن وارد، فهو يحتاج إلى مساعدة على الأقل إلى حماية الطفل عندما يذهب ليأتي بالماء واللبن، فالظاهر أنه لا يكفي واحد في دفن الجنازة.
فالحاصل: أن أفراد المسائل تنطبق على الضوابط والقواعد، فما دمنا نقول: إنه فرض كفاية إذا وجدنا مع الجنازة من لا يكفي وجب علينا أن نتبع، كما لو رأينا رجلًا كبير الجسم لا يحمله إلا أربعة وليس معهم غيرهم والمقبرة بعيدة فيتعين الإتباع؛ لأننا نعلم أن هؤلاء سيشق عليهم مشقة شديدة.
ومن فوائد الحديث: أن النهي عن الجلوس مغيًّا بعناية وهي: "حتى توضع" فهل يستفاد منه تقييد الأحكام الشرعية بغايتها، بمعنى: أن يصدر حكم من الشارع مغيًّا بغاية إذا وجدت زال؟ ممكن:"لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب"، والأحكام الشرعية المغياة بغاية كثيرة.
[كيفية إدخال الميت القبر]
٥٤٧ - وعن أبي إسحاق، أن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه أدخل الميِّت من قبل رجلي القبر، وقال:"هذا من السُّنَّة". أخرجه أبو داود.
"أبو إسحاق" هو: السبيعي الهمداني تابعي، وعبد الله بن يزيد صحابي، إذا قال الصحابي:"من السنة" يعني بذلك: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد بالسنة المضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: الطريقة، وهي شاملة للواجب وللمستحب، بمعنى: أنه قد يقال: من السنة كذا وهو واجب، وقد يقال: من السنة كذا وهو مستحب، ففي حديث عليّ- وإن كان ضعيفًا-، ولكن نقرأ للتمثيل:"من السنة وضع اليد على اليد تحت السرة". أي سنة هذه؟ المستحب على القول بأنه حجة، قول