٤٧٧ - عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال:"انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما، فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف". متفق عليه. وفي روايةٍ للبخاري:"حتى تنجلي".
٤٧٨ - وللبخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه:"فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم".
"عهد" بمعنى زمان، وسمي الزمان عهدًا؛ لأن الإنسان يعهد به ويعلم به، وقوله:"يوم مات إبراهيم" هو ابن محمد رضي الله عنه، - وصلى الله وسلم على أبيه- وهذا الولد سماه النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم على اسم أبيه الخليل صلى الله عليه وسلم وبشر به أهله، وقال:"ولد لي الليلة ولد فسميته إبراهيم في الحال". وبه يعلم أن التسمية مشروعة حال الولادة إلا إذا كان الإنسان لم يهيئها، فإنه يسمى في اليوم السابع، وهذا الابن رضي الله عنه توفي وله نحو ستة عشر شهرًا، وحزن عليه النبي- عليه الصلاة والسلام- حزنًا عظيمًا، حتى إنه رفع إليه وهو ينزع فبكى ودمعت عيناه، وقال- عليه الصلاة والسلام-: "العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون". وأخبر- عليه الصلاة والسلام- أن له مرضعًا في الجنة ترضعه؛ لأنه مات قبل تمام الحولين، فكان له مرضعًا ترضعه في الجنة، وكان النبي- عليه الصلاة والسلام- قد أعطاه أحد بيوت الأنصار خارج المدينة، وكان يخرج إليه بنفسه للاطلاع على حال هذا الولد.
فيستفاد من ذلك: أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- كغيره من البشر يحب أولاده محبة طبيعية، وأنه يصلهم ويتعاهدهم، وهذا داخل في قوله صلى الله عليه وسلم:"خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
"فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم" بناء على عقيدة سائدة عندهم هي: أن الشمس تنكسف لموت العظيم أو القمر معلوم أن ابن النبي- عليه الصلاة والسلام- من أعظم الناس فقالوا: كسفت الشمس لموته بناء على هذه العقيدة، واللام في قوله:"لموته" لماذا؟ للتعليل، لموت إبراهيم.