[شرط طهارة المكان وضوابطه]
٢٠٦ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام». رواه الترمذي, وله علة.
قوله صلى الله عليه وسلم: «الأرض كلها مسجد» العموم في هذه الجملة ظاهر كلها مسجد, ويشبه هذا العموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا». إذن الأرض كلها محل للصلاة لهذا العموم, وقوله: «مسجدًا» أي: مكان للسجود, والمراد: السجود للصلاة, ولكنه عبر ببعضها عن كلها. «إلا المقبرة, والحمام» المقبرة: موضع القبور, والحمام موضع المغتسلات, يعني: مغتسل؛ أما المقبرة فلأنها محل القبور, والقبور فيهم الصالحون والأولياء, فإذا صلى الإنسان في المقبرة فربما تكون هذه الصلاة ذريعة إلى الصلاة على القبور, وليست العلة كما يقول بعضهم: إن المقابر تنبش فيخرج فيها الصديد, والعظام, وقطع الجلود, وما أشبه ذلك, العلة أن الصلاة في المقبرة ذريعة إلى الشرك, إلى الشرك الأكبر أو الأصغر, أما الحمام: فالحمام ما كان موضع الأذى والقذر, فعلة منع الصلاة فيه النجاسة, وما كان طاهرًا منه فعلة منع الصلاة فيه أنه مأوى الشياطين؛ لأن الناس يدخلون الحمامة عراة ويغتسلون فيه, فناسب ألا يصلوا فيه.
في هذا الحديث من الفوائد: أن الأرض كلها مسجد, كلها محل للصلاة, ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلا شيئين: المقبرة والحمام, فعلى هذا تصح الصلاة على السطوح وعلى الفرش, وعلى الصخر, وعلى الرمل, وعلى كل شيء, الأرض كلها مسجد, وكذلك تصح الصلاة في الكعبة, لأن الكعبة من الأرض بلا شك, فهي مسجد موضع للصلاة: صلاة الفريضة وصلاة النافلة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المقبرة ليست محلًا للصلاة, فإذا صلى فيها فهل تصح؟ الجواب: لا تصح؛ لأن النهي يقتضي الفساد, ونفي كونها موضعًا للصلاة يستلزم ألا تصح الصلاة فيها.
ومنها: سد النبي صلى الله عليه وسلم ذرائع الشرك ولو عند بعد؛ لأن الإنسان قد يصلي في المقبرة والقبور خلف ظهره وهو بعيد عنها, واحتمال الشرك من هذا المصلي بعيد, ولكن سدًا للذريعة - ولو