ومن فوائده: تكرار الحديث سواء كان جملة أو كلمة أو أكثر إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأنه كرر التقوى هاهنا ولم يكرر غيرها من الألفاظ ليبين أهمية كون القلب متقياً.
ومن فوائد الحديث: تحريم المسلم على أخيه من ماله ودمه وعرضه، وغير المسلم ينقسم إلى أربعة أقسام: معاهد وذمي ومستأمن ومحارب، فالثلاثة الأصناف الأولى هؤلاء محترمون معصومون وهم المعاهد والذمي والمستأمن، وأما المحارب فليس معصوماً لا في دمه ولا في ماله.
ومن فوائد الحديث: تحريم هذه الأمور الثلاثة من المسلم على أخيه المسلم وأما على الكافر فكما عرفتم.
[استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من سوء الأخلاق والأعمال والأهواء]
١٤٣٦ - وعن قُطبة بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم جنبني منكرات الأخلاق، والأعمال، والأهواء، والأدواء". أخرجه الترمذي، وصححه الحاكم واللفظ له.
"اللهم" أصلها: يا الله، فحذفت ياء النداء منها؛ لكثرة الاستعمال، وعوض عنها الميم؛ لأنها دالة على الجمع، فكأن الداعي يجمع قلبه على أن الله عز وجل، وأُخرت الميم تيمناً بالبداءة بذكر الله عز وجل، وهذه الكلمة "اللهم" تغني عما نسمعه من أفواه المطوفين: يا الله يا ألله، اللهم إني أسألك يا الله، اللهم ارحمني يا أله، اللهم اغفر لي يا الله، وكأن الله تعالى لا يسمعهم حتى يكرروا هذا النداء الذي لم تسمع منه في السنة أن الرسول دعا بمثل ذلك وإنما يدعو بقوله: "اللهم جنبني منكرات الأخلاق" أي: اجعلني في جانب وهي في جانب، والمراد: المباعدة؛ أي: باعد عني منكرات الأخلاق؛ أي: ما ينكر منها، وعلى هذا فتكون منكرات من باب إضافة الصفة إلى موصوفها؛ أي: الأخلاق المنكرات، والأخلاق جمع: خُلق، وهي صورة الإنسان الطبيعية لا الجسمية؛ لأن الخَلق هو الصورة الجسمية الظاهرة، والخُلُق: الصورة الباطنة المعنوية، وهي - أي: الأخلاق - جمع خُلُق، والأعمال يعني: ما يفعله الإنسان بجوارحه كالضرب والقتل والنهب وما أشبه ذلك، وكذلك الأعمال السيئة كالمعاصي والأهواء، والمراد بها: الأهواء المتصلة لأن الهوى هو الإرادة يقال: هويت كذا بمعنى: أردته، وهي - أي: الأهواء - منها ما هو منكر، ومنها ما ليس بمنكر، والذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه -إن صح الحديث- هو أن يجنبه المنكرات من الأهواء؛ لأن كل إنسان لابد له من هوى والأدواء جمع داءٍ وهو الأمراض، والأمراض بمقتضى هذا الحديث إما أمراض منكرة وهي ما خرج عن العادة سواء كانت أدواء قلبية أو أدواءً جسدية، وأما ما تجري بالعادة ويحصل للناس جميعاً من الأمراض الجسدية فهذا ليس من