للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالضبط ولو أنني شعرت في هذه الحال أنه على باطل لكنت قد ادعيت لنفسي مقام الرسالة والنبوة، وأنه يجب عليه أن يتبع ما أقول.

ومن فوائد الحديث: استعمال ما يحصل به الألفة حتى في الألفاظ وذلك بأن تستعمل الألفاظ والتي فيها الاستعطاف والحنو ولقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم".

فائدة: هل يجوز أن تقول للكافر: يا أخي؟ لا تجوز المؤاخاة بين المسلم والكافر فلا يجوز أن تقول للكافر إنه أخوك، اللهم إلا في أخوة النسب فالأمر ظاهر لكن في غير أخوة النسب لا يجوز أن تقول: إنه أخي.

فإن قال قائل: إن الله تعالى قال في الرسل -عليهم الصلاة والسلام- {وإلى عاد أخاهم هوداً}، {وإلى ثمود أخاهم صالحاً}، {وإلى مدين أخاهم شعيباً} قلنا الجواب: إن المراد بذلك أخوة النسب لأنه منهم ويدل لهذا قوله تعالى: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيبٌ ألا تتقون} [الشعراء: ١٧٦، ١٧٧]. ولم يقل أخوهم لأن أصحاب الأيكة قوم آخرون غير أصحاب مدين، ولهذا لم يقل أخاهم.

فإذا قال قائل: وهل يجوز أن أصف الكافر بأنه صديق؟

نقول: أما إذا كانت كلمتك تعني مدلولها فلا يجوز؛ لأن الله تعالى قال في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} [الممتحنة: ١]. وإن كان مجرد مجاملة ولا تعني: أن القلب يعطفهم عليه ويتولاهم، فالأمر في هذا واسع، ومن ذلك الآن ما يستعمله كثير من الناس، يجد العامل البوذي الكافر أو النصراني ويقول له: صديق، لكن هذه الكلمة قد انتزع معناها، لكن الناس يستعملونها كثيراً.

ومن فوائد الحديث: أن مقتضى الأخوة انتفاء هذه الأمور الثلاثة وهي الظلم والخذلان والاحتقار، وأن وجودها ينافي الأخوة الإسلامية.

ومن فوائد الحديث: أن احتقار المسلم من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد عليه وقال "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم"، وهذا يتفرع عليه مسألة أخرى وهي أن الواجب للمسلم على أخيه أن يراه في منزلة معظمة لا محقرة بدون مغالاة.

ومن فوائد الحديث: أن مدار العمل على القلب، وأن التقوى مصدرها من القلب لقوله: "التقوى هاهنا" ويشير إلى صدره الذي فيه القلب.

ومن فوائده: ما أشرنا إليه سابقاً أنه يدل على أن العقل في القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>