سبق لنا أن الجنائز: جمع جَنازة أو جِنازة، وأن بعضهم قال: الجنازة بالفتح: الميت، والجنازة بالكسر: النعش عليه الميت، وقال بعض أهل اللغة: إنهما سواء، يقال: الجَنازة. ويقال: الجِنازة. والجنائز: هم الأموات، هم الأحياء في الواقع لكنهم انتقلوا من دار إلى دار أخرى، كما انتقلوا من الدار التي هي بطون أمهاتهم إلى الدنيا فيرجعون بعد الدنيا إلى البطن الأول وهو بطن الثرى والتراب، ثم بعد ذلك يخرجون من هذا البطن إلى الحياة الآخرة، وهذا من الحكمة أن يكون الخروج من البطن الأول إلى البقاء الآخر، وأما في الدنيا فهو الخروج من البطن الثاني إلى العمل، فهنا طرفان: الطرف الأول الذي هو خلق الإنسان من الطين، والطرف الآخر خروجه من هذا البطن إلى اليوم الآخر الدائم، فيكون في ذلك الطرفان الأول والطرف الأخير لكن في الحمل في بطون أمهاتهم هم طرفان، في الوسط يخرج الإنسان من بطن أمه إلى الدنيا ثم ينتقل.
[الترغيب في تذكر الموت]
٥٠٧ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا ذكر هاذم اللَّذَّات الموت)). رواه التِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وصحَّحه ابن حبَّان.
قول:((أكثروا ذكره)) في نفوسكم أو فيما بينكم؟ يشمل هذا وهذا.
وقوله:((هاذم وهادم)) لغتان؛ فـ ((هاذم)) بمعنى: قاطع، و ((هادم)) من الهدم الذي هو هدم البنيان. وقوله:((هاذم اللذات)) يعني: الذي يهذمها ويقطعها، والمراد باللذات: لذائذ الدنيا، وإلا فإن الموت بالنسبة للإنسان المؤمن ابتداء لذة لا تشبه لذات الدنيا، لكن لذات الدنيا تنقطع بالموت، وإنما أمر