الباطل وهذا منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حمل ابن النابغة قال: يا رسول الله، كيف أغرم -يعني: الجنين الذي قتل- من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثال ذلك يطل هذا سجع فقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:"إنما هو من إخوان الكهان"؛ لأن الكهان هم الذين يسجعون في كلامهم من أجل إبطال الحق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جاء السجع في كلامه كثيرًا كما هنا، ومثله:"قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق".
[النفقة على المملوك وأحكامها]
١٠٩٦ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله رضي الله عنه: "للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق". رواه مسلم.
"للمملوك" يعني: بذلك: الرقيق من ذكر أو أنثى "طعامه وكسوته"؛ "طعامه" يشمل الشراب؛ لأن الشراب يسمى طعامًا قال الله تعالى:(فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى)[البقرة: ٢٤٩]. وتسمية الشراب طعامًا واضحة؛ لأنه يطعم ويذاق، لكن إذا قيل: طعام وشراب اختلف المعنى، فيصير الشراب للمائع والطعام لغير المائع. إذن "طعامه" يشمل الأكل والشرب، وقوله:"للمملوك طعامه" لا يخفى أنها جملة خبرية وأن الخبر فيها مقدم، وهنا لا يراد به الحصر؛ لأن التحدث عن المملوك وليس هناك شيء آخر يحترز به منه، وكسوته يعني: لباسه لأن الإنسان محتاج إلى اللباس؛ لستر العورة ودفع الحر ودفع البرد قال الله تعالى:(وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم)[النحل: ٨١]. وهذا شيء مشاهد؛ لأن الجسم لو بقي عاريًا في أيام الحر أكله السموم وتأثر به، لكن اللباس بقي الحر ففيه فائدتان: الأولى: ستر العورة، والثانية: الوقاية من الحر والبرد كما أن فيه إشارة معنوية عظيمة إلى أن الإنسان لابد أن يستر عورته المعنوية فهو مضطر إلى ستر عورته الحسية ومضطر إلى ستر عورته المعنوية وهي الذنوب والمعاصي كما قال الله تعالى: (ولباس التقوى ذلك خير)[الأعراف: ٢٦]. فأنت مفتقر إلى أن تكسو عورتك المعنوية كما أنك مفتقر إلى أن تكسو عورتك الحسية وهذا من حكمة الله، فالبهائم حيث إنها لم تكلف ليس لها من اللباس إلا ما قد ألبسها الله -تعالى- مما يليق بحالها، لكن بنو آدم أراهم الله عز وجل أنهم مضطرون للباس الحسي وهم كذلك مضطرون للباس المعنوي؛ قال: ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق، لا يكلف أي لا يلزم لأن التكليف في اللغة: إلزام ما فيه مشقة وقيل إنه مجرد الإلزام والمعنى أنه لا يلزم من العمل إلا ما يطيق أي: ما يدخل تحت طاقته وقدرته فإذا كان صغيرًا وقلنا له: أحمل هذه الصخرة الكبيرة فهذا