ذلك؟ بقرائن وإلا ما يعلم في القلب إلا الله، ولكن بقرائن مثل أن يكون معه قلم جيد أو ساعة جيدة فآخذها وأقلبها وأقول ما أحسن هذه فيهديها إلي، فهنا يظهر أنه أهداها خجلًا فهنا لا أقبل أو أعرف أنه قد دس شيئًا. يوجد بعض الناس يقتضي حوائج معينة ويدسها ولا يحب أن يطلع عليه أحد فإذا اطلعت عليها خجل، وقال تفضل هذا أيضًا لا يجوز أن أقبل وبالمناسبة لو وجدت الشخص عند بابه فقال تفضل فهل تدخل؟ ينظر لقرائن الأحوال إن علمت أن الوقت غير مناسب للدخول معه وليس بينك وبينه صلة بيِّنة فلا تدخل، وإن علمت أن الرجل صادق في عرضه بدخولك فالقبول خير ما لم يصدك عما هو أهم، ونرجع للفوائد فنقول قال بعض العلماء: من له أخذ شيء فله سؤاله وعلى هذا فالغريم وإن كان غنيًا في أكله وشربه وكسوته وسكنه له أن يقول للناس: أعطوني لأقضي ديني؛ لأن من له أخذ شيء فله سؤاله، ولكن هذا فيه نظر، والصواب أنه لا يسأل إلا عند الضرورة نعم أن للإنسان أن يبين حاله للناس أما أن يسأل فالسؤال ذل، وذكرنا فيما سب أنه إذا تزاحمت الحقوق فإنه يبدأ بمن يعوله؛ أي: بعياله وذكرنا أن الأم مقدمة على الأب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بها.
قال العلماء: ولا يبدأ إلا بالأهم فالأهم؛ ولهذا استدلوا على أن الفقراء أشد حاجة من المساكين لأن اله بدأ بهم؛ ولأن الأم أشد عناء من الأب بالنسبة لولدها ولأن الأم أقل تحصيلًا للكسب من الأب فكانت أولى بالتقديم. وكذلك يقال في الأخ والأخت أن الأخت مقدمة على الأخ ولكننا إذا قلنا بالتقديم في هذه الأمور فهذا مع التساوي في الحاجة أما لو قدر أن الأب أشد ضرورة من الأم فهنا نقدم الأب لدفع الضرورة لكن إذا كانوا متساويين فالأم أولى، وكذلك في الأخ والأخت.
ومن فوائد الحديث: تقديم الأقرب فالأقرب في الصلة لقوله: "أدناك فأدناك".
ومن فوائده: جواز استعمال السجع إذا كان بحسب الطبيعة والفطرة، يعني: بدون عناء وبدون مشقة، ومن الناس من شاهدناهم قد يسر لهم السجع حتى إنه إذا كان يكلمك كلامًا عاديًا تمكن أن يكلمك سجعًا من أول الكلام إلى آخره، وإذا كاتبونا كتابًا وجدناه سجعًا من أوله إلى آخره فهذا يأتي طبيعيًا لا بأس به، أما إذا كان متكلفًا فينظر إن كان يؤدي إلى إخلال بالمعنى فلا شك أنه خطأ؛ لأن هذا كالذي يعتني بالقشور ويدع اللب، يعني: مثلًا لو كان هذا السجع يؤدي إلى إخلال بالمعنى بحيث لا يفهم المعنى بهذه الكلمة التي جاء بها من أجل سجعه إلا من بعيد، فهنا نقول: السجع لا ينبغي؛ لأن هذا خلاف المقصود؛ لأن المقصود من الألفاظ المعاني فإذا أتيت بألفاظ تبعد بها المعاني فهذا خطأ، القسم الثالث من السجع: أن يقصد به إبطال الحق أو إحقاق