فالجواب على هذا أن نقول: إذا خرجت القرعة لواحدة وخرج بها فلا يكون ذلك في كل سفر يكون في هذا السفر فقط، لكن عندما يعيد القرعة في سفر آخر فالظاهر أن الأولى لا تدخل؛ لأنها أخذت حقها من قبل وربما تخرج القرعة لها في المرة الثانية وفي المرة الثالثة، فيكون في هذا إجحاف، وربما يتهم الذي ضرب القرعة إذا خرجت القرعة لواحدة بعينها في كل مرة.
فعلى كل حال: نقول: من خرج سهمها أولاً فإنه لا يعاد لها القرعة ثانيًا حتى يتم على الجميع، فكم تعاد القرعة على هذا بناء على أن الإنسان لا يزوج أكثر من أربع؟ ثلاث مرات مع الأولى؛ لماذا؟ لأن الأخيرة الرَّابعة لا تحتاج إلى القرعة.
[النهي عن الشدة في معاملة الزوجة]
١٠٢١ - وعن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبيد". رواه البخاريُّ.
"ولا يجلد" إعراب هذه الجملة: "لا" ناهية، و"يجلد" فعل مضارع مجزوم بلا الناهية؛ لأن "لا" الناهية تجزم كما أن لام الأمر تجزم، والجامع بينهما: أن في كل منهما طلبًا، ففي "لا" الناهية طلب الترك وفي لام الأمر طلب الفعل، فلهذا كان عملهما واحدًا وهو الجزم لاشتراكهما في المعنى؛ وقوله:"لا يجلد أحدكم امرأته" يعني: زوجته، وقوله:"جلد العبيد" هذا مصدر مبين للنوع، أين عامله؟ "يجلد" وقلنا: مبينًا للنوع؛ لأنه بينه بالإضافة "جلد العبد". والمراد بالعبد هنا: المملوك، وذلك أن الإنسان له أن يؤدَّب امرأته، وله أن يؤدَّب مملوكه، لكن تأديبه لمملوكه ليس كتأديبه لامرأته؛ إذ إنه سوف يضاجع امرأته في آخر النهار فكيف يؤدَّبها كما يؤدَّب العبد وهو سيكون بينهما اقتران في آخر النهار؛ لأنه إذا ضربها ضرب العبد، ومعلوم أن ضرب العبد يكون أشد فإنه يحصل في قلبها نفرة منه وبغضاء له، وحينئذ لا تتم السعادة بينهما حين الاجتماع وهذا من حكمة النَّبي صلى الله عليه وسلم.
فيستفاد من هذا الحديث: أولاً: أن للإنسان أن يجلد امرأته، وجهة: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن جلد المرأة مطلقًا، وإنما نهي عن جلد خاص وهو جلد العبد، وقد دلَّ على ذلك الكتاب والسنة؛ أي: دل على أن الرجل له أن يضرب امرأته، فقال تعالى:{والتي تخافون نشوزهن فيعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهنَّ}[النساء: ٣٤]. وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم عرفة: "ولكم عليكم ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير