وذلك لأنه ظلم بصورة يظهر أنها حق لأنه قتله على أنه قصاص مع أنه ليس بقصاص فهذا من أعتى القتلة، الثالث:"أو قتل بذحل الجاهلية" يعني: أحقادها وضغائنها ودعواها ليس لحق، وإنما كان هذا أعتى من غيره؛ لأنه نسب القتل إلى الجاهلية والنبي (صلى الله عليه وسلم) جاء يطمس آثار الجاهلية فهؤلاء من القتلة هم أعتى الناس في القتل فقط فقوله إنه "أعتى الناس"، يعني: في القتل.
من فوائد الحديث أولًا: تفاضل الذنوب في الشدة لقوله: "أعتى الناس" وأعتى الناس اسم تفضيل.
ومن فوائد الحديث: تعظيم الحرم يكون القاتل فيه من أعتى الناس.
ومن فوائد الحديث: تحريم الأخذ بالثأر بقتل غير القاتل وهو واضح.
ومن فوائده: تحريم الانتساب إلى الجاهلية وأن القتل بناء على ما في النفوس من الأحقاد والضغائن أشد مما لو لم يكن كذلك.
[إلحاق دية شبه العمد بالقتل الخطأ]
١١٣٤ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "ألا إنَّ دية الخطأ وشبه العمد ما كان بالسَّوط والعصا مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها". أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وصحَّحه ابن حبَّان.
هذا الحديث يظهر أنه هو الحديث الأول حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ لأنه يطابقه تمامًا فسرَّ شبه العمد بقوله:"ما كان بالسوط والعصا"، والحديث هو تفصيل قوله فيما سبق "أربعون خلفة"، والباقي وهي "ستون" ليس في بطونها أولادها.
ففي هذا الحديث فوائد: أولًا: التسوية بين الخطأ وشبه العمد في مقدار الدية، وهذا خلاف ما سبق في الحديث الثاني أن دية الخطأ أخماسًا فظاهره أن الخطأ يخالف شبه العمد إلا أن يحمل الخطأ في الحديث على ما ليس بعمد، فلا ينافي هذا الحديث الذي معنا والمشهور عند الحنابلة أن شبه العمد ملحق بالعمد في تغليظ الدية وأنها تجب أرباعًا ولكن ذهب بعض العلماء إلى أن دية شبه العمد تلحق بالخطأ لأن المخطئ لم يقصد القتل وكذلك من قتل شبه عمد فإنه لم يقصد القتل فيكون حكمهما سواء وينبغي أن نفرق بين شخص متعمد للقتل بآلة تقتل وشخص متعمد للضرب، وليس القتل بآلة لا تقتل، ولاشك أن هذا القول الأخير أقرب إلى الصواب من القول الأول وذلك أن إلحاق شبه العمد بالخطأ أقرب من إلحاقه بالعمد لأن الضارب أو القاتل بشبه العمد لم يقصد القتل ولأنه إذا كان لا يجب فيه