للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: شدة الإنكار على عض الإنسان أخاه وجهه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أيعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل"، فإن هذا للتنفير وهذه قاعدة مطردة: لا يرد تشبيه الإنسان بالحيوان إلا في مقام الذم، وإذا تتبعت النصوص وجدتها كذلك، في الذي آتاه الله تعالى الآيات فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ماذا قال الله فيه؟ قال: (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) [الأعراف: ١٧٦]. وجاء في الذين لا يعملون بما أنزل يفترش يديه في حال السجود بالكلب وكذلك من لا يطمئن في صلاته جاء تشبيهه بالغراب، المهم أنك إذا تأملت النصوص وجدت أنه لا يشبه بنو آدم بالحيوان إلا في مقام الذم وذلك لأن الله -سبحانه وتعالى- فضل بني آدم على البهائم فإذا نُزل بهم وشبهوا بالبهائم فهذا يقتضي الذم والتنفير؛ ولهذا يرى الناس أنك إذا قلت لشخص ما يا بهيم يسرون ذلك قدحًا.

ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للإنسان أن يدافع عن نفسه ولو تضرر الصائل لأن نزع اليد ولو تضرر ومنه لو أن إنسانًا أمسك بيده شخص عدوانًا وانتزع منه فانخلعت يد الممسك فلا ضمان على الأول.

[سقوط الضمان للمتطلع لبيوت المسلمين]

١١٥٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "لو أن امرأ اطَّلع عليك بغير إذنٍ، فحذفته بحصاةٍ ففقأت عينه؛ لم يكن عليك جناحٌ". متَّفقٌ عليه.

وفي لفظٍ لأحمد، والنَّسائيِّ، وصحَّحه ابن حبَّان: "فلا دية له ولا قصاص".

قوله أبو القاسم هذه كنية النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم "إنما أنا قاسم والله معط" لكن هذا لا علاقة له بالدنيا فهل هذه الكنية عامة لكل من سُمي محمدًا يكنى أبا القاسم أو لأن النبي صلى الله عليه وسلم له ولد يمسى القاسم؟ الظاهر الثاني لكنها انتقلت الآن وصارت كنية لكل من سمى محمدًا فإنه يكنى عن الناس بأبي القاسم هذا معروف عندنا هنا في المملكة.

قال: "لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن": "لو" هذه شرطية، ولكن "لو" الشرطية لا تدخل إلا على الأفعال فأين الفعل؟ الفعل محذوف، أي: لو ثبت أن، وجواب "لو" قوله: "أم يكن عليك

<<  <  ج: ص:  >  >>