جناح"، وقوله: "بغير إذن" أي: اطلع على بيتك؛ أي: جعل يتطلع من وراء الباب على البيت بغير إذن منك، يعني: لم تأذن له إذنًا سابقًا ولا إذنًا لاحقًا فيقول: "فحذفته بحصاة ففقأت عينه" لم يكن عليك جناح حذفته بحصاة الحذف هو أن تجعل الحصاة على طرف الأصبع الإبهام ثم تقذفها بالوسطى هذا الصف لكنه ليس لازم أن يكون على هذا الوجه يعني: لو أخذت الحصاة بين أصابعك الثلاثة الإبهام والسبابة والوسطى فالمعنى واحد وقوله: "فحذفته بحصاة" معروفة "ففقأت عينه"؛ يعني: أنك فضأتها بعنى شققتاها حتى تلفت لم يكن عليك إثم وإذا انتفى الإثم انتفى الضمان صورة هذه المسألة أن رجلاً يطلع من شقوق الباب على البيت لينظر ما فيه ولا شك أن الإنسان قد يطلع على عورة فإن الناس في بيوتهم تختلف حالهم عن حالهم فيما إذا كانوا خارج البيت ربما يطلع على عورة لا يحب أهل البيت أن يطلع عليها الناس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة هذا أن تفقأ عينه وإذا فعلت ذلك فليس عليك جناح وظاهر صنيع المؤلف أنه جعل هذا من باب دفع الصائل وقتال الجاني وأنه إذا أمكن دفع شره بغير ذلك لم يجز هذا أي إذا أمكن دفع الشر بغير حذفه بالحصاة فإنه لا يجوز أن يحذف بالحصاة، وقد قال بذلك بعض أهل العلم وزعم أن ذلك من باب دفع الصائل ولكن الصحيح أن هذا من باب عقوبة المعتدي ونظيره ما لو وجد الإنسان شخصًا على امرأته يزني بها فإن له أن يقتله بدون إنذار لأن هذا باب عقوبة الجاني المعتدي وقوله لو أن امرأ اطلع يفهم منه أن الباب مغلق لأن كلمة اطلع تقتضي معالجة الإطلاع وأنه لو كان الباب مفتوحًا فوقف إنسان ينظر ما في البيت فإنه لا يفعل به ذلك لأن التفريط هنا من صاحب البيت وكذلك أيضًا حذفته بحصاة ظاهر ذلك أنك لو رميته برصاص فإن ذلك لا يجوز للفرق بين الحصاة وبين الرصاص فإنك ربما تقتله بخلاف الحصاة ولكن لو حذفته بحربة فهل يكون كالحصاة؟ الجواب: نعم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يطلع في البيت فآخذ المدرأ وجعل يختله، يعني: يمشي مشيًا خفيًا حتى لا يشعر به من أجل أن يحذفه بهذا المدرأ وقوله فقأت عينه لو أصبت غير عينه مثل جبهته أو خده فنجرح فهل تكون ضامنًا؟
الجواب: نعم تكون ضامنا وذلك لأنه أي هذا الذي حصل في غير محل الجناية لأن محل الجناية بالنظر هو العين وهذا ليس فيها.
نأخذ من هذا الحديث فوائد: أولاً: تحريم الاطلاع على بيوت الناس ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح حذف هذا الرجل وإن فقئت عينه وهذا يدل على أنه معتد، ولولا ذلك لكان محترماً لا يجوز العدوان عليه.