يجد التمر وجدنا غيره مما فيه الغذاء والطعم، وقد قال الله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}(التغابن: ١٦). إذن إذا بم يجد التمر فليأكل ما سواه، ولكن هل يختار الحلو، أو نقول: ما شئت؟ قال بعض العلماء: يختار الحلو؛ لأنه أقرب إلى التمر وهذا صحيح، وحينئذ يغمس الخبر بالعسل ويأكله، ولكن كم قطعة من الخبو يجعل بدل التمر؟ ثلاث قطعات، أو خمسًا حسب ما يكون.
ويستفاد من الحديث أيضًا: قطع هذا الأكل على وتر، وذلك من قوله:"يأكلهن وترًا"، ثم هل نقيس على ذلك ما سواه، ونقول: كل الأكل ينبغي أن تقطعه على وتر، أو نقول: لا نقيس؛ لن تخصيص الصحابي لتمر يوم العيد بالوترية يدل على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان لا يراعي ما سواه في ذلك: أيهما؟ الظاهر- والله أعلم- الثاني أن ما سواه نلاحظ قطعه على وتر إلا بدليل، ويبقى الكلام على ما كان معروفًا بين العامة عندنا من أنه إذا صب لك فنجان شاء، وقلت: بس، قال: أوتر، فهل يكون هذا الكلام صحيحًا، وله أصل في الشرع، أو نقول: الرسول (صلى الله عليه وسلم) يتغدى ويتعشى دائمًا ولم ينقل عنه أنه كان يلاحظ ذلك، وكذلك الصحابة بين يديه يأكلون، لم يذكر عنه أنه يلاحظ اللقيمات التي يأخذها من الصحفة بحيث تكون سبعة أو سبع عشرة أو ما أشبه ذلك؟ الثاني هو الصحيح؛ لأنه لم ينقل، فلما لم ينقل ذلك مع كثرته وتكرره، ونص على بعض الأشياء صار الحكم مختصًا بتلك الأشياء، وهذا هو الأقرب عندي.
ولكن يبقى أن يقول قائل: ألم يثبت عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "إن الله وتر يحب الوتر"؟ بلى، إذن كيف لا يقول قائل: إنه ينبغي لنا أن نوتر في كل شيء؟ نقول: معنى الحديث: أن الله (عز وجل) شرع لعباده عبادات كثيرة كلها تقطع على وتر لأنه يحب الوتر، ولا يلزم من ذلك أن يكون سبحانه وتعالى- شرع لعباده أن يجعلوا حتى عاداتهم مقطوعة على الوتر، والدليل أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان لا يراعي هذا، ولو كان ذلك من الأمور المحببة إلى الله لكان أول الناس إثباتًا لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيكون معنى: "أن الله وتر يحب الوتر" أي: فيما شرعه، ولذلك تجد المشروعات كلها مقطوعة على وتر في الليل والنهار والصيام وتر شهر واحد، الطواف وتر، والسعي وتر، والوقوف وتر، والمبيت في المزدلفة وتر، ويمنى وتر، والرمي وتر، فهذا هو الأقرب، والله أعلم.
[حكم خروج النساء لصلاة العيد]
٤٦٤ - وعن أم عطية (رضي الله عنها) قالت: "أمرنا أن نخرج العواتق والحيض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلي". متفق عليه.
أم عطية (رضي الله عنها) أنصارية، وكانت امرأة نشيطة ولها أعمال جليلة، من جملتها أنها كانت ممن