هذا من باب إضافة الشيء إلى زمنه ووقته، فهي الصلاة التي تُفعل في وقت الجمعة، وسمي هذا اليوم بـ"يوم الجمعة" لاجتماع الناس فيه على الصلاة، ولأنه جمع فيه من الآيات الكونية ما لم يجتمع في غيره، ففيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وأُخرج منها، وفيه تقوم الساعة ... إلى آخره ما فيه من الخصائص، فلهذا سُمي يوم الجمعة، وقد ذكر اسمه بلفظ في القرآن في قوله تعالى:{يا أيها الذين أمنو إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة}[الجمعة: ٩]، وهل ذكر في القرآن يوم آخر بعينه سواه؟ نعم، يوم السبت، لكن يوم السبت ذكر على سبيل التوبيخ واللوم.
[التحذير من ترك الجمع]
٤٢٢ - عن عبد الله بن عمر، وأبي هريرة- رضي الله عنهم-، أنّهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره:"لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثمَّ ليكوننَّ من الغافلين"، رواه مسلم.
قوله:"عنهم" الضمير جمع والراوي اثنان فكيف يكون ذلك؟ نقول: لأن عبد الله بن عمر هو وأبوه، وقوله:"يقول" هذه جملة حالية وليست مفعولًا ثانيًا، لأن "سمع" هذه تعلق بشيء محسوس فهو كالرؤية البصرية تنصب مفعولًا واحدًا، فإذا قلت:"رأيت الرجل يسعى" جملة "يسعى" جملة حالية، وهذه أيضًا جملة حالية سُمعت؛ لأن السماع يتعلق بالأمور المحسوسة ليس بالأمور العلمية التي في القلوب.
يقول:"على أعواد منبره" أعواد جمع عود، والمنبر المكان المرتفع فهو من النبر- وهو الارتفاع- وأعواد منبر الرسول صلى الله عليه وسلم هي: عبارة عن خشب صُنعت من أثل الغابة صنعها غلام لامرأة من الأنصار، وجعلها ثلاث درج، وكان النبي- عليه الصلاة والسلام- في الأول يخطب إلى جذع نخلة، وزعم بعض المؤرخين أنه كان يخطب على منبر من طين، ولكن لم يثبت، والمعروف أنه كان يخطب إلى جذع هذه النخلة، ولما صنع المنبر وصعده النبي- عليه الصلاة والسلام- حتى نزل الرسول- عليه الصلاة والسلام- وأسكته فسكت، وهذا من آيات الله الدالة على أن كل شيء من جماد هو حي، وسواء كان الجماد فيه الحياة أو ليس فيه حياة فإنه يعلم ويعرف، فهذا أحد حصى ينمو أو لا؟ ليس فيه نمو ومع ذلك يحبنا ونحبه، والحصى سمع يسبح بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، والحجر كان يُسلم على الرسول- عليه الصلاة والسلام- في مكة هذا أيضًا جماد