للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنازع رجل وزوجته عند القاضي فحكم القاضي بأن تسلم المرأة نفسها إلى زوجها فوراً، فقالت: ذروني أخبر والدي، فقلنا: نخشى أن تهربي، قال رجل: أنا أكفلها ما تقولون؟ لا يصح، لماذا؛ لأنه لا يمكن استيفاء الحق من الكفيل لو تعذر إحضار المرأة، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الكفالة في هذه الأمور، وقال: إنه لا يلزم من الكفالة أن يقوم الكفيل بأداء الحق الواجب على المكفول، إذ أن المقصود أن نلزم الكفيل بإحضار المكفول، فبدلاً من أن نتعب بطلب من وجب عليه القصاص وإحضاره نلزم الكفيل، لكن لو تعذر ومات المكفول فإننا لا نجري الحق على الكفيل، فالكفالة هذه فيها فائدة، ولا يلزم منها أن يؤخذ الحق من الكفيل، وما فائدتها إذن؟ أن نلزم الكفيل بإحضار بدن المكفول، بدلاً من أن نتعب نحن نلزمه هو، قالوا: وهذا يجري كثيراً في مشائخ القبائل: يعني: يجب علي بعض أفراد القبيلة حد فيقول: أمهلوني يوما أو يمين حتى أنظر في أمري، نقول: من يكفلك؟

يقول: شيخ القبيلة، جرت العادة أن شيخ القبيلة يستطيع إحضار بدن الكفيل ما دام على الدنيا؛ لأنه شيخ عندهم مثل السلطان فهذا فيه فائدة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أنه تجوز الكفالة في الحدود لا أن تقام الحدود على من كفل، لكنه يلزم بإحضار بدن الكفول فيكون التعب والطلب على الكفيل، ثم إن فيه أيضا فائدة أخرى وهي اطمئنان من له الحق في مسألة القصاص، مثلاً يطمئن إذا علم أن هذا الرجل الذي له سلطة قد كفل إحضار هذا الرجل الذي عليه القصاص اطمأن، وهذا القول أصلح، لأن الحديث الوارد ضعيف كما رأيتم والكفالة في الحدود والقصاص وشبهها من الحقوق فيها مصالح، ومن المصالح أن الذي عليه الحق وهو المكفول إذا علم أن فلاناً كافله ولاسيما إذا كان من مشائخ قبيلته فإنه لا يمكن أن يهين كفالته يصعب عليهم، عندهم عادات يصعب عليه إهدار كرامته فيذله، فيحضر هو بنفسه المكفول خوفاً من إهانة الكفيل.

[٩ - باب الشركة والوكالة]

يقال: الشركة، ويقال: الشركة، ويقال: الشركة؛ أي بوزن سرقة وثمرة ونعمة فوزن سرقة شركة، ووزن نعمة شركة، وهي في اللغة: الاختلاط اختلاط، شخصين في شيء، ومنه قوله تعالى: وإن كثير من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض} [ص: ٢٤] أي: من الشركاء، وأما في الاصطلاح: فهي اجتماع في استحقاق أو تصرف، يعني: أن يجتمع شخصان في شيء مستحق لهما، أو يجتمع شخصان في تصرف بينهما، وتسمى الأولى شركة أملاك، والثانية شركة عقود، مثال الأولى: ورث ابنان بيتاً من أبيهما، الاجتماع بينهما هو اجتماع في استحقاق استحقا ملكية هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>