أما حكم الصائل: وهو اسم فاعل من صال يصول وهو المعتدي المندفع الذي يريد نفسك أو مالك أو اهلك أو ما أشبه ذلك.
[التعزيز بين الوجوب والاجتهاد]
وهنا بحث: هل التعزيز واجب يجب على الإمام أن ينفذه إذا وجد سببه، أو راجع إلى إجتهاد الإمام؟ قال بعض العلماء: إنه واجب وهذا هو المذهب، وقال آخرون: إنه ليس بواجب بل يرجع فيه إلى رأي الإمام، والصواب أنه واجب، اللهم إلا إذا رأى الإمام مصلحة تربو على المفسدة فهذه ربما يقال له أن يسقطه من أجل هذا، ثم فيم يجب؟ قال العلماء: يجب في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة، وعلى هذا فالزنا لا تعزير فيه؛ لأن فيه حدًّا، وكذلك السرقة لا تعزير فيها؛ لأن فيها حدًّا، فيكتفى بالحد عن التعزيز ولاكفارة الوطء في نهار رمضان لا تعزيز لأن فيها كفارة.
اختلاف قدر التعزيز وضوابطه:
ثم البحث الثاني: هل يتحدد التعزير بعدد معين من الجلدات بحيث لا يزيد عليها؟ في هذا خلاف تذكره على هذا الحديث.
١٢٠٣ - عن أبي بردة الأنصاري رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لايجلد فوق عشرة أسواٍط إلا في حدود الله". متفق عليه.
"ويجلد بالرفع على أنها جملة خبرية؛ لأنها بالرفع تكون "لا" نافية، والفعل المضارع مرفوع، ولكن هي خبرية لفظًا طلبيه معنى، فهو نفي بمعنى: النهي، وقوله: "عشرة أسواط"، والسوط معروف، هو عبارة عن جلد أو نحوه يفتل ثم يضرب به، وقد يطلق على مجرد العصا ونحوها، "إلا في حد من حدود الله" اختلف العلماء ما المراد بالحد، هل المراد بالحد: العقوبة المقدرة شرعًا كمائة جلدة في الزنا وثمانين جلدة في القذف، أو المراد بالحد: الحكم سواء كان واجباً أو محرماً، فيعزر لترك الواجب ويعزر بفعل المحرم؟ فى هذا قولان للعلماء؛ والصحيح: الثاني أن المراد بالحد هنا: حكم الله عز وجل وقد سمى الله تعالى أحكامه حدوداً فقال تعالى: {يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولايخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله}[الطلاق: ١]. وقال تعالى في ختام آيات المواريث قال:{تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم}[النساء: ١٣].